سياسات ترامب في مواجهة فيروس كورونا تثير حفيظة الأوروبيين وتزيد عزلة واشنطن عن حلفائها

سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومواقفه المتقلبة والمتناقضة وخاصة المتعلقة بطريقة تعامل إدارته مع أزمة جائحة كورونا أثارت حفيظة حلفائه الأوروبيين ما جعل العلاقات التاريخية بين طرفي الأطلسي تنحدر إلى أدنى مستوى لها.

ترامب الذي وصف فيروس كورونا ذات مرة بأنه “خدعة” واستمر في تجاهل خطورته رغم تفشيه الكبير في أنحاء العالم ووصوله إلى الأراضي الأمريكية اضطر في بداية الأمر إلى اتخاذ إجراءات أكد خبراء أنها متأخرة لجهة الحد من انتشار الفيروس لكن الكارثة الموازية لتعامله الفاشل مع الفيروس لم تنحصر بشقها الصحي وتداعياتها على الأمريكيين بل تجاوزته وفق صحيفة الغارديان البريطانية إلى “تدمير سمعة الولايات المتحدة عالميا وخلق أزمة ثقة بين واشنطن وحلفائها”.

العلاقات المتدهورة أصلا بين الولايات المتحدة وأوروبا أصبحت في “حالة موت سريري وعلى أجهزة الإنعاش” كما وصفتها الغارديان التي أشارت في سياق مقال لها إلى أن ترامب أساء إلى حلفاء واشنطن منذ تسلمه الرئاسة الأمريكية وأدت سياساته القائمة على تقويض التحالفات الدولية وفرض العقوبات ضد دول مثل إيران والصين وحتى الدول الأوروبية إلى تزايد الخلافات على الصعيد العالمي.

ولطالما تغاضى حلفاء الولايات المتحدة في الطرف الثاني من الأطلسي عن مواقف ترامب وتصريحاته العدوانية والمهينة لهم في بعض الأحيان لكن أزمة كورونا جعلت العلاقات بين الجانبين تصل وفق الغارديان إلى “نقطة فاصلة” مشيرة إلى أن “أسلوب ترامب المستهتر أصبح من وجهة نظر الأوروبيين خطيرا وتحول الرئيس الأمريكي من شخص لا يمكن الوثوق به إلى مصدر تهديد”.

ويرتبط هذا الرأي بشكل وثيق مع عمليات القرصنة التي استولت فيها واشنطن على شحنات كبيرة من الكمامات والمعدات الطبية الموجهة إلى دول حليفة لها مثل ألمانيا وفرنسا وهو ما أثار ردود فعل غاضبة ومنددة بين الأوروبيين ولا سيما أن هذه القرصنة جاءت بعد محاولات ترامب احتكار لقاح يتم تطويره في ألمانيا ضد فيروس كورونا.

الضرر الذي يلحقه ترامب بالولايات المتحدة ومواقفها عالميا لا يقتصر على ما يحدث بينه وبين أوروبا فقد أثارت سياساته استياء مجموعة الدول السبع وأعاقت محاولتها إصدار بيان مشترك حول مكافحة الفيروس كما تسبب إصراره على الاستمرار بسياسة العقوبات ضد الدول التي لا تخضع لإملاءاته بإعاقة العمل الدولي والجهود المبذولة من اجل التصدي للفيروس.

الغارديان أشارت أيضا إلى ترويج ترامب معلومات مضللة حول الفيروس وإصراره على مجادلة العلماء وخبراء الصحة الذين يخالفون وجهات نظره ونفاقه الواضح بادعائه رفض المساعدات الأجنبية لمواجهة كورونا وطلبه مثل هذه المساعدات سرا من حلفائه في آسيا وأوروبا.

أستاذ العلاقات الدولية في جامعة هارفرد الأمريكية ستيفن وولت أكد في هذا السياق أن إدارة ترامب استجابت لفيروس كورونا بطريقة أنانية وعشوائية الأمر الذي سيكلف الأمريكيين خسائر بآلاف الأرواح وتريليونات الدولارات التي كان من الممكن تجنبها.

ووسط التخبط الذي تظهره الإدارة الأمريكية في التعامل مع الجائحة العالمية يدفع الامريكيون فاتورة باهظة لسياسات ترامب فعدد الوفيات جراء الفيروس تجاوز الـ 22 ألف حالة فيما تصدرت أخبار التمييز العنصري وآثاره على الأمريكيين السود في ظل انتشار كورونا الصفحات الأولى للصحف ووسائل الإعلام حول العالم.

سانا