كتاب (القائد القومي بشار الأسد قراءة تحليلية.. مفاهيمية في كلماته الجماهيرية والرسمية) الصادر حديثا يقوم على محورين أساسيين مقاربة تحليلية للنسق المفاهيمي المصطلحي عند الرئيس الأسد والعلاقة التفاعلية بين الفكر والممارسة لديه مع بحث منهجي في المضمون الفكري لخطابه ومفاعيله السياسية.
ويتناول الجزء الأول من الكتاب لمؤلفه الدكتور خلف الجراد المرحلة من عام 2000 وحتى عام 2010 والجزء الثاني للدكتور ابراهيم ناجي علوش للمرحلة الواقعة بين عام 2011 و عام 2019 أو خطاب سنوات الحرب.
يبدأ الكتاب بإهداء كتبته الدكتورة نجاح العطار نائب رئيس الجمهورية بقولها إن مجد النضال هو المجد والوطن هو الأعلى وهو الجدير بكل ألوان التضحيات ودربك أيها القائد كان أبدا درب النضال.. وإننا باقون على جبهة النضال مع القائد الذي أعطى من إشعاعه الفكري أبلغ ما يزهو به الوطن وأن كلماته ستبقى تلهم وتلهب وتنير وتبقى في أيدينا وثائق كفاح ورسائل تنوير ومشعل ريادة ومنبر حق ومنارة للسائرين إلى حيث يدعو الواجب تلبية لنداء الوطن.
ويركز الدكتور الجراد في مقدمة الجزء الأول على اتفاق الكثير من الباحثين العرب والأجانب على حقيقة أن الرئيس الأسد يمزج في حالة شبه استثنائية بين المتابعة العميقة والقراءة المنهجية الواسعة لآخر أدبيات الفكر السياسي المعاصر وموسوعاته الاصطلاحية والمفاهيمية من جهة مع مسؤولياته كرئيس للجمهورية العربية السورية بكل ما يعنيه ذلك من اتخاذ قرارات مصيرية من جهة أخرى.
ويبين الدكتور الجراد في القسم الأول من الكتاب أن الرئيس الأسد يفكك ويصحح المفاهيم المضللة والمصطلحات الزائفة التي يروجها الغرب ثم يقوم بتحليل عميق وواضح لمضمون المفاهيم والمصطلحات التي يطرحها لأن كثيرا من الأفكار قد تكون مناسبة لحاجاتنا ولكن عدم استيعابها بشكل صحيح يحولها إلى مفاهيم قد تكون ضارة.
ويميز الدكتور الجراد عند بحثه في رؤى الرئيس الأسد بين مصطلحي الواقعية الموضوعية والوقوعية الانهزامية المتخاذلة التي تعني الرضا بالواقع والتفاعل مع المحتل الذي ينتهك ثروات الأمة واضعا بعض المصطلحات التي اشتغل عليها الرئيس الأسد تحت المجهر مثل الشفافية والمنصب والموقع والمسؤولية والهوية والبعث والعروبة فضلا عن رؤية الرئيس الأسد لآفاق النهوض الحضاري بالوطن.
ويبين الدكتور الجراد موقف الرئيس الأسد من النظام العالمي الجديد الذي يتجه نحو العولمة الرأسمالية الشاملة كما يشير إلى الفوارق الجوهرية التي طرحها الرئيس الأسد في التمييز بين الإرهاب والمقاومة ليختم المؤلف الباب الأول بنظرة تحليلية لـ (الإعلام العربي السلبي المتصهين).
ويبحث الباب الثاني في العلاقة التفاعلية بين الفكر والممارسة في تجربة الرئيس الأسد مستهلا بفصلين عن مقاربة سيادته الفكرية للتطوير والتحديث وتطبيق هذه المسألة من الناحية العملية والواقعية على المستوى المحلي والعربي متطرقاً إلى رؤية الرئيس الأسد لتجربة اقتصاد السوق الاجتماعي من حيث النظرية والتطبيق.
ويؤكد الكتاب أن لغة المنطق والأرقام سمة ثابتة في خطابات الرئيس الأسد مقدما لذلك أمثلة عدة منها خطاب القسم للولاية الدستورية الثانية والتي تطرق فيها إلى النهوض الاقتصادي على الصعد كافة منذ عام 2000 وحتى عام 2006 من تضاعف الرواتب والأجور والموازنة وتقلص ديون سورية لأقصى حد والطفرة في بناء المدارس والمشافي والجامعات وتضاعف الاستثمار وغيرها.
كما يشير الدكتور الجراد إلى رؤية الرئيس الأسد الاستراتيجية للسلام في المنطقة وظروفها وملابساتها ومرتكزاتها خاتما الباب الثاني برؤيته للنظام الدولي الجديد والامن القومي العربي وخيار المقاومة والدولة الوطنية القوية.
الجزء الثاني من الكتاب للدكتور علوش يعكف فيه على استخراج المفاهيم والتوجهات الرئيسية في خطابات الرئيس الأسد خلال سنوات الحرب الإرهابية على سورية مبينا أن هذه القراءة محاولة منهجية لتأطير المضمون الفكري لهذه الخطابات ومفاعيلها السياسية وتقديم قراءة موضوعية وغير إنشائية في منطقها.
ويقسم الدكتور علوش الجزء الثاني إلى تسعة فصول مع ملحق يتضمن ثلاث مقابلات تلفزيونية للرئيس الأسد مستهلا بفصل يتضمن قراءة في الحرب على سورية من خلال مصطلحاتها مشيرا إلى أن الرئيس الأسد أدرك منذ بداية العدوان خطورة المصطلحات والتعابير التي يروجها أعداء سورية عبر الفضائيات ومواقع الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي وسعى شخصيا بشكل منهجي وحثيث للتصدي لها.
كما يعرض الدكتور علوش لرؤية الرئيس الأسد الاقتصادية والإصلاحية والإدارية لواقع سورية زمن الحرب ضمن استراتيجية موضوعية وملموسة على الأرض تناسب معطيات الواقع إضافة لتوجهاته السياسية والفكرية والعقائدية لما تتعرض له سورية والمنطقة والأسس المنهجية لتلك التوجهات.
وينتقل الدكتور علوش للحديث عن رؤية الرئيس الأسد للإصلاح السياسي والإداري واستراتيجيته لمكافحة الفساد ومواجهة الحرب الاقتصادية التي تشن على سورية بوجوهها وجبهاتها المتعددة إضافة لقراءته لطبيعة الحرب وتداخلاتها الخارجية والداخلية.
ويؤكد الكاتب أن الرئيس الأسد يطرح رؤى فكرية عميقة من منظور استراتيجي أو جغرافي سياسي مرتبطة بمواقف وتحليلات سياسية أو ميدانية أو تعبوية حسب الواقع.
كما يقدم الدكتور علوش تحليلا منهجيا لقراءة الرئيس الأسد في حقيقة الحرب على سورية واعتبارها امتدادا لقضية فلسطين والصراع العربي الصهيوني وعدوانا خارجيا سعى عبره الغرب وأدواته في المنطقة لاستغلال نقاط الضعف في المجتمع السوري وإظهارها كأزمة داخلية مبينا رؤى الرئيس الأسد في دور الإسلام بالمجتمع وضرورة حمايته من التطرف ومن توظيفه سياسيا وإيمانه بالقومية العربية وعدم تعارضها مع الهوية الوطنية السورية.
يقع الجزء الأول من الكتاب الصادر عن الهيئة العامة السورية للكتاب في 416 صفحة والجزء الثاني في 400 صفحة من القطع الكبير.
سانا