لماذا حلب يا أردوغان ؟! ,,, بقلم : غسان رمضان يوسف

لماذا حلب يا أردوغان ؟! ,,, بقلم : غسان رمضان يوسف *
لماذا حلب يا أردوغان ؟! ,,, بقلم : غسان رمضان يوسف *

في عام 2013 أصدرت منظّمة الأمم المتّحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) ترتيباً لأقدم مدن العالم التي لا تزال قائمةً ومأهولةً حتّى يومنا هذا.

واحتلت المدن العربية صدارة القائمة، حيث جاءت مدينة حلب السوريّة بالمركز الأوّل / 12200 / عام تلتها مدينة أريحا الفلسطينيّة بالمركز الثاني /10600 / عام وجاءت العاصمة دمشق بالمركز الثالث/ 9200 / عام ، لكنها بقيت أقدم عاصمة مأهولة في العالم.

لكن المفاجأة التي كشفتها اليونيسكو هو أن فكرة تمثال الحرية في أمريكا مقتبسة من تمثال الإله العربي الأموري الآرامي السوري “حَدَد بعل حلب” إله المطر والحرية والشعلة والنجوم الساطعة وسنابل القمح، وزوجته عشتار، النجمة، وسيدة النجوم.

أحببت أن أبدأ بهذه النبذة التاريخية التي ذكرتها الزميلة الدكتورة أسماء الكتبي رئيسة الجمعية الجغرافية على صفحتها في فيسبوك .

ومن هذه المقدمة نرى مدى أهمية مدينة حلب وأهمية السيطرة عليها.

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أو ما يسمى حاليا بـ (السلطان العثماني الجديد) يعتمد في احتلاله على أراض سورية على (الميثاق الملي) وهو بيان من ست مواد، أصدره البرلمان العثماني، بإيعاز من القوميين الأتراك، وزعيمهم مصطفى كمال أتاتورك، في 28 كانون الثاني/ يناير/1920/ وقد رسمت خريطة تركيا بناء على ذلك الميثاق تم رفضها من قبل القوى الأوروبية في معاهدة لوزان 1923.

ومن هنا يحاول أردوغان العودة إلى حدود تلك الخريطة من خلال التدخل في شؤون الدول المجاورة لتركيا حتى لو استدعى الأمر الاعتماد على الجماعات التكفيرية كداعش والنصرة وايغور الصين وغيرهم من مجموعات إرهابية تكفيرية تم جمعها في ادلب ومناطق أخرى احتلها في سورية !

الميثاق الملي أو الوثيقة الوطنية بحسب ما كان يريد مجلس النواب العثماني رسمت خريطة تركيا بخط يمتد من شمال اللاذقية إلى ادلب – حلب – الرقة – دير الزور – الحسكة – الموصل – كركوك – أربيل ، إضافة إلى قبرص، وجزر بحر إيجة، وتراقيا الغربية، ضمن حدود الدولة المزمع قيامها، على أنقاض السلطنة العثمانية.

رفض (الحلفاء) الميثاق الملي فور صدوره، واعتبروا أن  الشمالين السوري والعراقي خارج نفوذ الأتراك، بسبب أغلبيته السكانية العربية، وتم التوقيع في يوليو 1923، على معاهدة لوزان، والتي رسمت الخريطة الحالية لـتركيا، وتجميد خريطة الميثاق الملي إلى الأبد.

ولكن منذ العام 2011، وفي ظل الفوضى التي ضربت المنطقة أو ما سُمي (الربيع العربي)  وجد أردوغان أن الفرصة مواتية لإحياء الميثاق الملي، و بدأت وسائل الإعلام التركية نشر خريطة هذا الميثاق ولوح الرئيس التركي بضرورة العودة إليها في أكثر من مناسبة، بعد ما أسماه التخلص من معاهدة لوزان عام /2023/ أي بعد مرور مئة عام على المعاهدة.

والسؤال ألا يعتبر ما قام به أردوغان من احتلالات متكررة للأراضي السورية تحقيقا للميثاق الملي وتأكيداً على الطموحات العثمانية في شمال سورية ؟!

لنتذكر أنه بدأ عملية درع الفرات في الرابع والعشرين من آب أي في ذكرى معركة مرج دابق وهذا يؤكد الأطماع التركية في سورية كما قام بعمليتين أخريين كاحتلال عفرين أو ما أسماه عملية غصن الزيتون وبعدها احتلال المنطقة الممتدة ما بين عين عيسى وتل ابيض وهو يحشد اليوم في ادلب ويسير جنباً إلى جنب مع جبهة النصرة والحزب الاسلامي التركستاني  وأجناد القوقاز وكل الذين أتى بهم من بلدان إسلامية لتحقيق طموحاته العثمانية وهو ما أكده رئيس حزب الحركة القومية التركي “دولت بهشلي” الذي دعا أردوغان لدخول دمشق وإحراق سورية وهو الذي يمثل الطورانية التركية في حين يمثل أردوغان العثمانية الجديدة!

ومن هنا يجب التنبه إلى أن كل مبررات التدخل في السوري ليست إلا لتحقيق أطماع عثمانية قديمة وليس دفاعاً عن الشعب السوري الذي شارك مع أخوته العرب في طرد المحتل العثماني من خلال الثورة العربية الكبرى عام 1916، والأهم أن يتم طرده من كل بقعة أرض سورية احتلها في السنوات الأخيرة تحت أي مبرر فالمعروف أن التركي إذا دخل منطقة لا يخرج منها إلا بالقوة ولنا في قبرص وبعشيقة وادلب أمثلة حية وماثلة أمام أعين الجميع .

*غسان رمضان يوسف – باحث في الشؤون التركية – رئيس تحرير موقع أصدقاء سورية