ساهمت الولايات المتحدة الأمريكية في وقت من الأوقات، في إنشاء “داعش” لتكون كبش فداء ضد بشار الأسد في سوريا، وقوة توازن التواجد الشيعي في العراق.
في سوريا، استخدمت “الحرب ضد داعش” ذريعة لوجودها، لكنها لم تقاتل التنظيم سوى بعد أن بدأت روسيا قتاله.
وكما أسلفت في مقال سابق، فتح اغتيال الجنرال قاسم سليماني من قبل الأمريكيين الباب على مصراعيه، لرفع وتيرة الحرب بالوكالة بين الولايات المتحدة وإيران، دون أن تتحول هذه الحرب إلى حرب مباشرة بين الطرفين.
كذلك فمن المرجح ألا يكون لبنان، بدواعي الكارثة الاقتصادية التي يمر بها، طرفا فاعلا في هذه الحرب.
قد تتورط دول الخليج، لكن العراق وسوريا سيصبحان ميدان المعركة الرئيسي، حيث يتمتع البلدان بالإمكانيات القصوى لخوض حرب بالوكالة.
في الوقت نفسه، فإن وضع الولايات المتحدة الأمريكية في سوريا وخاصة في العراق أكثر عرضة للخطر، فأي جيش نظامي، لا يمكن أن ينتصر في حرب العصابات سوى بالطرق النازية، من خلال تدمير السكان المحليين، حيث يمكن أن تكون الضربات الجوية فعالة فقط ضد عناصر بعينها، لكن تدمير القادة لا يمكن أن يدمر التنظيمات العسكرية، أو يوقف مقاومة العدو.
وفي عام الانتخابات الأمريكية، من الواضح أيضا أن أي خسائر كبيرة في أرواح الجنود الأمريكيين، وأي حرب تندلع في عهد أي رئيس حالي، لن تكون في صالحه، لذلك سوف يبذل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قصارى جهده لتقليل الخسائر.
لذلك فإن السؤال الذي يطرح نفسه من جديد بالنسبة لواشنطن، هو إنشاء قوة “دمية”، قادرة على مقاومة القوى الشيعية جيدة التنظيم والدافع، ومقاومة السكان المحليين على الأرض في كلا البلدين.
وكما يقول التاريخ، فإن محاولات واشنطن لإنشاء تشكيلات عسكرية من الفارين أو الخونة من السكان العرب لم تنجح، حيث كانت أفراد تلك التشكيلات تهرب بمجرد تلقيها الأموال، ولم تتمكن من القيام بأي عمليات عسكرية، ناهيك عن الانتصار في تلك العمليات.
أما الأكراد فمقيدون بأرضهم، من غير المرجح أن يصبحوا عاملا فعالا على طول البلاد وعرضها فيصبح العنصر الوحيد الفاعل في حرب بالوكالة في سوريا والعراق هو “داعش”، التي سمحت لها الولايات المتحدة بالظهور، ودعمتها من خلال سلسلة طويلة من العملاء والوكلاء بالسلاح وأمور أخرى.
أظن أنه بعد العديد من الهجمات الناجحة ضد الولايات المتحدة في العراق، والتي ستؤدي إلى خسائر كبيرة بين الأمريكيين، ومع الاقتراب من الانتخابات الأمريكية، لا شك أن الولايات المتحدة سوف تقلل من وجودها في المنطقة.
وبعد ذل سيطرح السؤال نفسه على الولايات المتحدة: هل ستغادر وتسمح بتوطيد دعائم الدولة، وتعزيز الاستقرار في سوريا والعراق كبلدين صديقين لإيران، يتبنيان موقفا معاديا للولايات المتحدة، أم تزعزع استقرارهما بمساعدة القوة الوحيدة القادرة على ذلك -“داعش”؟
الإجابة بالنسبة لي واضحة.
المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة