تحت العنوان أعلاه، كتب إيغور سوبوتين في “نيزافيسيمايا غازيتا” حول دور الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان في إسقاط المقاتلة الروسية سو-24، التي كانت تقوم بمهمة قتالية في سوريا عام 2015.
وجاء في المقال:
“توصلت منظمة شبكة نورديك للبحث والتقصي Nordic Research Monitoring Network، التي تتخذ من ستوكهولم مقرا لها، إلى استنتاج أن الرئيس التركي هو من أمر في عام 2015 بضرب المقاتلة الروسية، استنادا إلى وثائق من جلسات الإحاطة المغلقة لحلف الناتو، بينما يؤكد الخبراء أن هناك محاولة من أنقرة لإخفاء من يقف وراء هذا الأمر. وهي معلومات قد تكون مفيدة للجانب الروسي بشان دور أردوغان في ذلك.
جاء إلقاء الضوء على الجانب القانوني من المأساة، ومسؤولية أردوغان من خلال تقرير المستشار القانوني للأركان العامة التركية، أركان أغين. وإذا كان من الممكن الركون إلى الملاحظات الواردة في جلسات الإحاطة في بروكسل، فإن الرئيس التركي شخصيا قد أعطى الأوامر بضرب المقاتلة، حيث ورد في أقواله: “سوف نعتبر أي عنصر عسكري يقترب من تركيا من ناحية الحدود السورية، ويشكل تهديدا للأمن، تهديدا وهدفا عسكريا”.
ووفقا لبيان صادر عن الرائد أغين، أن الجانب التركي قد أصدر 10 تحذيرات على الأقل للروس بخرقهم الأجواء التركية، من خلال قنوات الاتصال الطارئة، قبل إطلاق الصاروخ. كما يؤكد التقرير أيضا أن القيادة التركية أبلغت زملاءها الروس بـ “الخطوط الحمراء” في النزاع السوري المسلح. “تم إخطار السلطات الروسية بقواعد التعامل معنا على جميع المستويات، وأبلغت تلك السلطات مرارا وتكرارا بأن قواعدنا الخاصة باستخدام القوة المسلحة تفرض على الطيارين الاستجابة بالردع لغزو الأجواء التركية من قبل أي طائرة مجهولة الهوية من سوريا”. ووفقا لتصريحات الرائد أغين، فإنه قد “طلب من الجانب الروسي إبلاغ طواقمه بعدم الاقتراب من الحدود التركية لمسافة أقل من 5 أميال من الحدود التركية”.
وفي البداية كانت تركيا قد ألقت باللوم على القيادة الروسية، ما أدى إلى تعقيد العلاقات الثنائية بين البلدين على نحو كبير، وبعد 7 أشهر، أُجبر أردوغان على الاعتذار للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، فضلا عن عائلة الطيار، أوليغ بيشكوف، الذي قتل على يد مسلحين أثناء عملية الإنقاذ.
نأى الزعيم التركي بنفسه عن قرار إطلاق النار على المقاتلة الروسية، وقال في اجتماع عام سنة 2016 مع ممثلي دوائر الأعمال في الاتحاد الروسي وتركيا: “يبدو الوضع كما لو كان هناك ظل أسود طرأ على علاقاتنا جراء الحادث المأساوي للطائرة، اليوم نفهم على نحو أفضل أن منظمة فتح الله غولن، والقوى التي تقف وراءه هي من قوضت علاقاتنا معكم”، حيث اتهم الرائد، أركان أغين، بمساعدة المتمردين أثناء محاولة الانقلاب في تركيا عام 2016، نيابة عن غولن، وحكم عليه بالسجن مدى الحياة.
كما أعلن أن الطيارين من سلاح الجو التركي، الذين هاجموا المقاتلة الروسية، قد احتجزوا بعد الواقعة، لكن لم يرد ذكرهم فيما بعد. ووفقا لمعلومات غير رسمية، فإن طيارا تركيا واحدا هو من قام بالهجوم، ولا يخضع للاعتقال، بل يخدم في القوات المسلحة التركية تحت حراسة مشددة.
وقد أكد رئيس الوزراء التركي آنذاك، أحمد داوود أوغلو في عام 2017 للجنة البرلمانية التي حققت في محاولة الانقلاب كتابة، أنه أمر بمعرفة ما إذا كان الطيارون المشاركون في حادث الطائرة على صلة بأي منظمة محظورة في تركيا، لكن لم يتسن العثور على صلة كهذه.
وتعليقا على مأساة الطائرة، قال المتخصص في العلوم السياسية، كريم هاس: “بالتأكيد كان الكرملين يعرف من قبل أن أردوغان هو من أصدر الأوامر شخصيا”، حيث أكد الرئيس التركي مرارا وتكرارا أنه في حالة الانتهاك المتكرر للمجال الجوي للبلاد، فإن رد الفعل سوف يكون على هذا النحو. في نفس الوقت اعترف داوود أوغلو، رئيس الوزراء في ذلك الوقت بإعطاء الأوامر، وكأنه كان يتنافس مع أردوغان، لكنه من الواضح أن الرئيس هو من أصدر الأمر، لأنه لم يكن باستطاعة رئيس الوزراء آنذاك اتخاذ قرارات من هذا النوع. ومع ذلك، من أجل تحقيق السلام مع روسيا، كان على أردوغان إقالة داوود أوغلو في مايو 2016.
وتابع الخبير السياسي هاس، أن اعتذار أردوغان جاء قبل بضعة أسابيع فقط من محاولة الانقلاب، ووفقا لإحدى الفرضيات، فإن النخب التركية كانت تقف وراء الانقلاب، ومن ثم كان من المهم بالنسبة لها استعادة قنوات الاتصال مع روسيا، من أجل تجنب الاعتماد على الغرب، ووفقا له فإن بإمكان روسيا استخدام المعلومات حول دور أردوغان في إسقاط المقاتلة الروسية، كما أن لدى موسكو “المزيد من المعلومات حول العلاقة بين النخب التركية والدولة الإسلامية، وغيرها من الجماعات المتطرفة في سوريا، وحول تجارة النفط غير المشروعة، وفضيحة الفساد في تركيا عام 2013”.
كما يتذكر هاس أيضا قضية تاجر الذهب، رضا زرّاب، المحتجز في الولايات المتحدة الأمريكية، والذي تورطت فيها قمة النخب التركية في السلطة: “ليست روسيا وحدها تعرف كل هذا، بل تعرفه دول رئيسية مثل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وألمانيا وغيرها، التي تستخدم المعلومات كورقة رابحة ضد أردوغان للحصول على تنازلات من جانبها”، وختم هاس حديثه بأن أنقرة أصبحت مرهونة بعدد من الدول وليس بروسيا وحدها، فيما يخص عدد من القضايا السياسية وحتى العسكرية، وأما بالنسبة لداوود أوغلو، فإن أردوغان قد يقوض محاولاته لإنشاء حزب خاص به، من خلال الاستفادة من أزمة الطائرة، ونسب مسؤولية إسقاطها إليه”.
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة