عبد اللطيف فتحي فنان شامل وأحد أهم رواد المسرح السوري خاض التمثيل في المسرح الشعبي والكلاسيكي وبرع فيهما ليعد أول من أدخل اللهجة الشامية إلى المسرح بعد أن كانت اللهجة المصرية مسيطرة على المسرح الشعبي السوري فضلاً عن كونه كاتباً مسرحياً من طراز رفيع ومخرجاً متمكناً.
الباحث أحمد بوبس خص الراحل فتحي في كتاب مستعرضاً عبره مسيرة هذا الفنان الذي ولد في دمشق عام 1916 بدءاً من عام 1931 عندما انتسب إلى نادي دار الألحان والتمثيل بعد أن كان جرب حظه في هوايات عديدة من الملاكمة والخط العربي ورسم الكاريكاتير وانتقل الراحل فتحي من الهواية إلى الاحتراف بحسب بوبس عام 1933 عندما انتسب إلى فرقة حسن حمدان التي كانت تعد أكبر الفرق المسرحية في دمشق قبل أن يؤسس فرقته الخاصة التي أطلق عليها اسم “الفرقة الاستعراضية” واستمر نشاطها عشر سنوات وقدم من خلالها العديد من المسرحيات من أهمها “القادم من أمريكا” من ثم انتسب في منتصف الخمسينيات إلى المسرح الحر بعد أن وجده يحقق طموحاته.
وتعامل صاحب مسرحية عيد الشحادين مع جميع المسارح العامة التي ترأس أغلبها ومنها المسرح الشعبي حيث قدم العديد من الأعمال كمؤلف ومسرحي وممثل ومخرج ومن أهم مسرحياته صابر أفندي التي قام ببطولتها وإخراجها.
ولفت بوبس في كتابه الذي أصدرته الهيئة العامة السورية للكتاب إلى أن فتحي أخرج المسرح الشعبي من حالة الإسفاف التي قوامها التهريج والضحك المجاني ليصبح على يديه مسرحاً اجتماعياً هادفاً وإن ظلت الكوميديا إطاره العام مقدماً مسرحيات تناولت معاناة الناس ومنتقداً الاستغلال الذي يتعرض له الفقراء والمحسوبيات وغيرها من المثالب الاجتماعية.
ولم يقتصر إبداع فتحي في المسرح حيث تعامل مع التلفزيون في وقت متأخر فشارك عبر عشر سنوات من مسيرته التلفزيونية في خمسة مسلسلات تنوعت بين الكوميدي والجاد كان آخرها مسلسل الحب والشتاء عام 1977 وأهمها صح النوم الذي يعتبر من أشهر المسلسلات الكوميدية العربية.
أما بالنسبة للسينما فإنها لم تحقق أي مجد فني للراحل بحسب بوبس ولا حتى الشهرة التي حققتها له أعماله المسرحية والتلفزيونية معتقداً أن الأسباب التي دفعت فتحي لخوض غمار السينما هي أسباب مالية بحتة لأن الأفلام التي شارك فيها كانت من النوع التجاري الذي انتشر في سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين باستثناء فيلم وحيد هو “سائق الشاحنة”.
عبد اللطيف فتحي الذي غيبه الموت في الـ 7 من آذار من عام 1986 استحق التكريم على مسيرته الفنية خمس مرات وأهمها تكريم القائد المؤسس حافظ الأسد الذي منحه وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى سنة 1976 وتكريم السيد الرئيس بشار الأسد الذي منحه وسام الاستحقاق من الدرجة الممتازة سنة 2008.
واستعرض بوبس شهادات من عدد من الفنانين السوريين الكبار الذين تعاملوا معه حيث كانت له مكانة مرقومة عندهم فقد كان لمجايليه الأخ المحب والصديق الوفي وكان للأجيال التالية الأستاذ المعلم والأب العطوف لافتاً إلى أنه لم يبق من الفنانين الذين تعاونوا معه في أعماله الفنية إلا عدد قليل منهم الفنانون القديرون دريد لحام وصالح الحايك وهاني شاهين وأحمد مللي وأحمد خليفة والمخرج الإذاعي مازن لطفي الذين بينوا أنه كان فناناً كبيراً وإنساناً مبدعاً وأستاذاً متواضعاً طور المسرح الشعبي السوري وجعل الناس تقبل عليه.
سانا
