كشف تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز” عن وجود علاقة خاصة بين الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والتركي رجب طيب أردوغان، يلعب صهرا الرئيسين الدور الرئيسي فيها.
ويقول التقرير إن ثلاثة أشخاص، أولهم صهر أردوغان، وزير المالية التركي بيرات ألبيرق، والثاني صهر ترامب ومستشاره جاريد كوشنر، والثالث محمد علي يلتشينداغ صهر رجل الأعمال التركي الكبير أيدين دوغان، وشريك منظمة ترامب للعقارات، أقاموا قناة خاصة، غير رسمية للاتصال بين ترامب وأردوغان.
وكان أردوغان قد أعرب في تصريح صحفي له عن قناعته بأن الحوار بين ألبيرق وكوشنر سيساعد في “تصحيح المسار” للعلاقات بين أنقرة وواشنطن، قائلا إن “الجسر يعمل جيدا بهذه الطريقة”، وذلك على خلفية التوترات بين الولايات المتحدة وتركيا بسبب العملية العسكرية التي أطلقتها الأخيرة في شمال سوريا الشهر الماضي.
وأثارت سياسات ترامب تجاه تركيا الدهشة لدى مستشاريه وأحرجت الجمهوريين في الكونغرس، حين وافق ترامب في اتصال هاتفي مع أردوغان على سحب القوات الأمريكية من شمال سوريا، وفتح الطريق أمام القوات التركية لمهاجمة “قوات سوريا الديمقراطية” المدعومة أمريكيا هناك.
كما يشير التقرير إلى أن ترامب أجّل فرض عقوبات على تركيا بسبب شرائها أنظمة “إس-400” الروسية، وإلى أن إدارته عرقلت فرض عقوبات قاسية على مصرف “خلق بنك” التركي المملوك للدولة، بسبب التفافه على العقوبات الأمريكية ضد إيران.
وبحسب مسؤولين أتراك، أوفد أردوغان صهره ويلتشينداغ لتسوية الخلافات مع ترامب، وذلك عبر كوشنر في بعض الأحيان.
وفي أبريل الماضي حضر ألبيرق إلى واشنطن للمشاركة في مؤتمر نظمه يلتشينداغ في فندق “Trump International Hotel”. ودعا كوشنر ألبيرق إلى البيت الأبيض، حيث تمكن الأخير من إقناع ترامب بالتريث في فرض العقوبات بسبب شراء “إس-400”.
وقال مستشارون لأردوغان، إن الرئيسين التركي والأمريكي يفضلان اتصالات عائلية أو عبر الشركاء في الأعمال، لعدم ثقتهما بالأجهزة الحكومية في بلديهما وشبهات “التآمر” ضدهما من قبل قوى داخل حكومتيهما.
ونقلت “نيويورك تايمز” عن إيريك إيدلمان، النائب السابق لوزير الدفاع الأمريكي والسفير الأمريكي لدى تركيا في عهد جورج بوش الابن، قوله إن “ترامب في بعض الحالات يستبدل العلاقات الرسمية بين الدول بعلاقات بين العائلات أو بين الأصدقاء”.
واعتبر إيدلمان أن أردوغان يفضل هذا النوع من العلاقات أيضا، لكن ذلك “يجب أن يثير قلقا لدى جميع الأمريكيين”.
وبدأت علاقات ترامب مع تركيا منذ أكثر من 10 سنوات، حين دعاه محمد علي يلتشينداغ لتنفيذ مشاريع في تركيا.
وكان رجل الأعمال التركي أيدين دوغان في تلك الفترة يبحث عن شركاء لبناء ناطحتي سحاب في إسطنبول. وأقنعه صهره يلتشينداغ بإيجاد شريك في الخارج، وعقد صفقة مع منظمة ترامب.
وتشير الوثائق المالية إلى أن ناطحتي السحاب “Trump Towers Istanbul”، اللتين تم افتتاحهما في 2012، جلبت لمنظمة ترامب ما بين 5 و10 ملايين دولار في السنة خلال السنوات الأولى بعد افتتاحهما، وما بين 100 ألف ومليون دولار في السنوات الأخيرة.
وحضر مراسم افتتاح “أبراج ترامب” كل من أردوغان، رئيس الوزراء التركي آنذاك، وترامب وابنته إيفانكا وزوجها جاريد كوشنر ويلتشينداغ الذي أصبح صديقا لعائلة إيفانكا.
وفي وقت لاحق وصف ترامب مشروعه في إسطنبول أكثر من مرة بأنه “عمل ناجح للغاية”.
وفي 2016 كان يلتشينداغ في فندق “Hilton Midtown” بنيويورك، مع ترامب وعائلته خلال عملية فرز الأصوات في الانتخابات الرئاسية، وتحول تدريجيا إلى وسيط بين أنقرة وترامب. وعينه أردوغان رئيسا لمجلس الأعمال التركي – الأمريكي، الذي يمثل اللوبي التركي في واشنطن.
وقالت مصادر لـ “نيويورك تايمز” أن يلتشينداغ حضر هذا العام اجتماعا بمقر وزارة الخارجية الأمريكية، نوقش خلاله الطلب التركي تسليم الداعية المعارض فتح الله غولن، وطلب تغريم مصرف تركي بدلا من فرض عقوبات عليه ومسألة بيع أنظمة “باتريوت” الأمريكية لتركيا والعملية التركية بشمال سوريا.
أما بيرات ألبيرق، الذي أطلق عليه لقب “الصهر” في تركيا، فهو كان رجل أعمال وابن صحفي مقرب لأردوغان، وتزوج من ابنة أردوغان إسراء في عام 2004. ثم تم تعيينه مديرا لإحدى أكبر الشركات التركية، Calik Holding.
وفي 2015 ساعد أردوغان ألبيرق في الحصول على مقعد في البرلمان، وعينه وزيرا للطاقة. وبعد محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا أصبح البيرق وزيرا للمالية، لكن نفوذه كان كبيرا جدا، حتى وصفه البعض، بمن فيهم أعضاء في الحكومة، بـ “رئيس خفي” للحكومة.
ومن بين الملفات التي أصبح ألبيرق مسؤولا عنها، كانت العلاقات مع الولايات المتحدة.
وفي سبتمبر 2016 التقى ألبيرق بمستشار ترامب آنذاك، مايكل فلين، وناقش معه إطلاق حملة تدعو لتسليم فتح الله غولن لأنقرة. كما طلب ألبيرق من وزير الخزانة الأمريكي ستيف منوشين في العام الماضي عدم فرض عقوبات على “خلق بنك”، الذي كان التحقيق جاريا معه في الولايات المتحدة.
وفي 2018 زار ألبيرق واشنطن والتقى بصهر ترامب جاريد كوشنر لمناقشة خطط الإدارة الأمريكية للسلام في الشرق الأوسط. وبعد ذلك طلب أردوغان من ألبيرق عقد لقاء آخر مع كوشنر لمناقشة التجارة، حسب مصدر لـ “نيويورك تايمز”.
ووصف أردوغان لقاء “الصهرين” بأنه نقطة انعطاف محتملة.
وفي أبريل الماضي التقى ألبيرق ويلتشينداغ مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض، وذلك بدعوة من جاريد كوشنر. وصرح ألبيرق في أعقاب اللقاء بأن ترامب أبدى “تفاهما” بشأن مسألة أنظمة الصواريخ الروسية، وأن ترامب يكن “مشاعر دافئة” تجاه تركيا.
واتفق صهرا ترامب وأردوغان على مواصلة الدبلوماسية غير العلنية “لتفعيل العلاقات الاقتصادية بين البلدين”.
وفي يوليو الماضي طلب ترامب من الجمهوريين في الكونغرس إبداء “المرونة” في ما يتعلق بمسألة العقوبات ضد تركيا بسبب شراء الأنظمة الروسية وتوفير مزيد من الوقت للتفاوض. وفي أكتوبر الماضي وافق ترامب على سحب القوات الأمريكية من شمال سوريا قبيل العملية العسكرية التركية ضد القوات الكردية.
وتشير “نيويورك تايمز” إلى أنه عندما يصل رجب طيب أردوغان إلى واشنطن هذا الأسبوع سيكون صهره معه، أما يلتشينداغ، فإنه موجود هناك أصلا.
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة