حذر مسؤول نفطي بيئي من أن التلوث البيئي في المحافظات الشرقية في سوريا وخاصة دير الزور أصبح في حدوده العظمى، وأن آثاره قد تؤدي إلى أمراض عدة بينها السرطان.
وأضاف رئيس قسم البيئة والتنمية المستدامة في شركة الفرات للنفط إبراهيم جودت فضول في تصريح خاص لـ RT أن مكونات البيئة المادية والبيولوجية كلها تضررت، وأن ذلك التلوث “أصبح الهم الأكبر الذي يجب الوقوف عليه ومعالجته بالسرعة المطلقة ومعالجة آثاره الفادحة على البيئة والإنسان قبل الوصول إلى مستويات كارثية ومرعبة”.
واستعرض فضول وهو أيضا نائب مدير الصحة والسلامة والبيئة بعض ما جرى بالنسبة للنفط، إذ أُسيل على مساحات واسعة ومتفرقة وأغرقت حفر كثيرة في أماكن مختلفة بالنفط بقصد ضخه في صهاريج ومستوعبات لنقله وبيعه.
كما تم استخدام طرق بدائية بهدف تكريره إلى مشتقات وبيعه للمواطنين لاستخدامه بأغراض مختلفة كالتدفئة ولوسائل النقل.
ويوضح فضول أن إسالة النفط الخام على التربة السطحية قبل معالجته يؤدي إلى تحرير العديد من الغازات ومنها غاز الميثان والإيثان والبروبان والبيوتان, وكذلك العديد من الغازات العطرية متعددة الحلقات مثل غازات الB T X وهي التي تعتبر من أشد الغازات سمية وتسبب حدوث سرطانات الجهاز التنفسي، إضافة إلى انطلاق غاز كبريت الهيدروجين شديد السمية والذي يؤدي استنشاقه إلى اضطرابات تنفسية وفقدان الوعي ويؤثر على الأعين والأغشية المخاطية في الأنف والحنجرة ويضر بالشعب الهوائية في الرئتين وعند تركيز 500 PPM يؤدي إلى فقدان سريع للوعي مع تقطع في التنفس وحدوث شلل دماغي ويمكن أن تحدث الوفاة خلال بضع دقائق.
ويلفت فضول إلى أن كل ذلك تضاف إليه المياه المرافقة للنفط التي تحوي نسباً عالية من الأملاح المنحلة الحاوية على عناصر مشعة والتي تترسب على سطح التربة ويؤدي التعرض لهذه المواد لأخطار الإصابة بالسرطان.
أما الحرق العشوائي للنفط وتسخينه بغرض تكريره فيصاحبه انبعاث العديد من الغازات شديدة السمية كأكاسيد الكربون والكبريت والنيتروجين.
ويؤثر غاز ثاني أوكسيد الكبريت، كما يقول فضول، على الجهاز التنفسي والأغشية المخاطية والأعين بدرجة كبيرة، أما أكاسيد النيتروجين فتؤثر على الجهاز التنفسي والأغشية المخاطية وتؤدي إلى تسمم رئوي والإصابة بمرض الربو.
ويشير فضول إلى أن التلوث الإشعاعي المرافق لحرق النفط يسبب ارتفاعا في تركيز غاز الرادون المشع الذي يترك آثارا خطيرة ويسبب السرطان، ويعد من الغازات الثقيلة التي تبقى قرب سطح اليابسة أي بالقرب من الإنسان والتي يمكن أن تسبب انتشار أمراض السرطان في المنطقة، خاصة أن الرياح تحرك هذا الغاز (سحابة مشعة) وتنقله إلى مناطق مختلفة وينتهي الأمر بتساقط الغبار المشع على التربة والمياه والإنسان محدثة تلوثاً خطيراً.
وإضافة إلى تلوث الهواء يتوقف فضول عند تلوث التربة والمياه السطحية والجوفية نتيجة تسرب النفط بمكوناته المختلفة وخاصة العناصر المعدنية الثقيلة التي تنتقل إلى التربة والمياه وتبقى فيها ولا يمكن التخلص منها بالطرق البسيطة بل تحتاج إلى عمليات متقدمة ومكلفة.
أما عن المياه السطحية كنهر الفرات والخابور، فيقول فضول إن تسرب النفط إليه يؤدي إلى قتل الكائنات المائية، وبالتالي حدوث خلل في بيئة النهر عموماً لا يمكن إصلاحه نظراً لوصول المعادن الثقيلة والمواد المشعة إليها.
ويضيف فضول إنه من الواجب التوقف عند موضوع التلوث الإشعاعي الناتج عن العناصر المشعة الموجودة في المياه المرافقة للنفط الخام والتي تتركز في الأملاح المترسبة على الأسطح الداخلية للمعدات النفطية من صمامات وأنابيب وبراميل والتي يتم سرقتها ونقلها لأماكن مختلفة مما قد يتسبب في نشر التلوث على مستوى واسع في البلاد، إذ حيث أن هذه المعدات، حسب فضول، يمكن أن تفكك ويتم صهرها أو يعاد استخدامها خارج المنطقة، فلن يكون هناك طريقة لكشفها لأن الخطر الإشعاعي لا يكون ظاهرا ويحتاج لأجهزة خاصة لكشفه، والنتيجة تعرض شريحة كبيرة من المواطنين لخطر الإصابة بمرض السرطان.
ويختتم فضول كلامه بالتأكيد على أن التلوث بشكل عام وتلوث الهواء خصوصا يؤثر على صحة الجميع وخاصة الأطفال وكبار السن ويسبب أمراضا في الجهاز التنفسي والتهاب القصبات الهوائية وضيق النفس وأمراض الحبال الصوتية والاختناق والتصلب الرئوي والربو، والسرطان في حالات متقدمة.
ويدعو إلى ضرورة العمل على نشر الوعي البيئي والصحي بشكل عاجل بين في المناطق الملوثة والمحيطة بها، والبدء بحملات التنظيف والمعالجة الصحيحة للمواقع الملوثة.
المصدر: RT