تحت العنوان أعلاه، كتب دميتري بافارين، في “فزغلياد”، حول اعتراف الكونغرس الأمريكي أخيرا بالإبادة الجماعية للأرمن. فماذا بعد؟
وجاء في المقال: وعد دونالد ترامب بأن تدفع تركيا غالياً ثمن شراء “إس-400” من روسيا وفلتانها في سوريا. والآن، في واشنطن بدأوا في معاقبة العصاة. فقد وافق الكونغرس على فرض عقوبات لا تطال فقط وزير الدفاع التركي إنما والرئيس أردوغان. وفي اليوم نفسه، تم اتخاذ قرار، لم تجرؤ عليه الولايات المتحدة طوال سنوات بشأن الاعتراف بالإبادة الجماعية للأرمن.
من بين جميع الأمم العابرة للأطلسي، يمكن لليهود فقط التنافس مع الأرمن فيما يتعلق بالضغط. ومع ذلك، ففي الولايات المتحدة، رغم وجود عدد هائل من الناشطين المؤيدين للأرمن على المستوى الفدرالي، كانت عملية الاعتراف بالإبادة الجماعية تحاصَر بعناد. وكانت 49 من أصل 50 ولاية قامت مفردة بفعل ما لم يستطع فعله الكونغرس لعقود طويلة.
كان ذلك بسبب الأهمية التي تعلّقها الولايات المتحدة على التعاون مع تركيا، ثاني أكبر جيش في الناتو وقاعدة انطلاق حلف شمال الأطلسي في الشرق الأوسط. وها هو أخيرا الكونغرس يؤيد، الثلاثاء الماضي بغالبية 223 القرار ذي الصلة.
وهكذا، يكون ترامب قد حل المشكلة الدبلوماسية والأخلاقية القديمة بأقل الأضرار (التي اهتم بها جميع الرؤساء من قبل، لكنهم لم يجرؤوا على اتخاذ الخطوة الرئيسية). ففي الوقت الحالي، لا يمكن للاعتراف بالإبادة الجماعية للأرمن أن يفسد العلاقات الأمريكية مع تركيا، لأنها لا يمكن أن تفسد أكثر مما هي الآن. ولو تم تأجيل قضية الإبادة الجماعية مرة أخرى للمستقبل، فإن طرحها كان سيعقد من جديد الخروج من الأزمة في العلاقات الأمريكية التركية، ومرة أخرى، ستعود الأمور للدوران في حلقة مفرغة.
إلى جانب سوريا و”إس-400″، فإن الاعتراف بإبادة الأرمن أشبه بمعاقبة تركيا على سياستها الخارجية المستقلة، وحماية حدودها وأمنها القومي، وما إلى ذلك، علما بأن الوطنية ليست غريبة عن الإنتلجينسيا الليبرالية التركية، ولن تغفر للولايات المتحدة أو الأرمن خطوتهم هذه.
فما حدث، الثلاثاء، سيكون بالنسبة للنخب التركية أشد إيلاما بكثير من الاعتراف بالإبادة الجماعية في حد ذاتها، دون ربطها بالقضايا الأخرى. ولكن، هذا ليس تحديا خطيرا كما قد يبدو. فروسيا، التي تتقاسم معها تركيا الآن مناطق المسؤولية في سوريا وتشتري منها، نكاية بالولايات المتحدة، “إس-400″، تعترف أيضا بالإبادة الجماعية للأرمن، وهذا لا يخيف الأتراك.
دميتري بافارين – “فزغلياد”
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة