بإعلان خمسة من كبار قادة القوات المسلحة التركية استقالتهم من مناصبهم القيادية داخل الجيش التركي اعتراضاً على القرارات الأخيرة لمجلس الشورى العسكري الأعلى، تكون المؤسسة العسكرية التركية عادت للعب دور جديد في السياسة وتحديداً ضد ( الطيب أردوغان ) كما يحلو للإخوانيين تسميته !
استقالة الجنرالات ترافقت مع تقديم آخرين طلبات تقاعد، بينهم قادة تولوا مناصب مهمة داخل القوات المسلحة التركية خلال عمليتيّ ما سُمي (درع الفرات، وغصن الزيتون) في سورية .
وبحسب ما نُقل عن الضباط المستقيلين، فإن قرارات الضباط بالاستقالة جاءت بعد تعيين ضباط لم يشاركوا في أيّة حروب في أماكن خطرة وحساسة، بينما تم تعيين القادة المقاتلين في مناصب تقليدية»، وفقاً لصحيفة «زمان» التركية.
ومهما يكن سبب الاستقالة فإن الأمر غير مريح بالتأكيد لـ ( السلطان أردوغان ) لأسباب عدة :
الأول: أن الجيش التركي ما زال يضم في صفوفه من لا ترضيهم سياسة أردوغان وربما يحنون إلى العقيدة الأتاتوركية التي كانت تعتبر الجيش هو السلطة العليا في البلاد وهو حامي العلمانية.
الثاني : أن من بين الضباط المستقيلين من شاركوا في احتلال أراضٍ سورية فيما سُمي عمليتي درع الفرات وغصن الزيتون وهذا يؤكد أن ضباطاً كباراً من الجيش التركي يعارضون سياسة التوسع العثمانية التي ينتهجها أردوغان في سورية ، ليس فقط التوسع وإنما استقدام إرهابيين من جميع أنحاء العالم ودعمهم كالمقاتلين الايغور والشيشان وغيرهم ، إضافة إلى دعم حركات الاسلام السياسي التي شرعنت القتال ضد الجيش السوري كالإخوان المسلمين وحزب التحرير وما تفرع عنها من عصابات الجيش الحر الذين لا يختلفون عن التنظيمات القاعدية كهيئة تحرير الشام ( النصرة سابقا) أو أحرار الشام أو حراس الدين .. الخ
الثالث: أن الاستقالة أتت قبل زيارة أردوغان إلى موسكو بتاء على طلبه اليوم الثلاثاء وعقده قمة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في حين ما تزال نقطة المراقبة التركية محاصرة في مورك من قبل الجيش السوري ونقاط أخرى مهددة بالحصار.
السبب الرابع: أن أردوغان أصبح يتخبط بين الولايات المتحدة والاتحاد الروسي فهو يعمل مع واشنطن لإقامة منطقة آمنة شرق الفرات، لكنه عوضا أن يفرض شروطه فُرضت عليه الشروط!
أما في المقلب الآخر وتحديداً في ادلب فوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف استبق زيارة أردوغان إلى موسكو بتصريح اعتبر فيه أن الحكومة السورية لم تنتهك أي معاهدة أو قرار إذا حررت أراضيها من الإرهاب، وهذا يؤكد أن روسيا سئمت من كذب أردوغان وأنها لن تعطه فرصاً جديدة إلا بالشروط التي تناسب دمشق وموسكو وتحمي قاعدة حميم والمناطق الآمنة في سورية من الصواريخ بعيدة المدى التي يطلقها الارهابيون بدعم واضح من أنقرة .
وهنا يصح القول إن مصير السلطان أردوغان في مهب الريح خصوصا إذا علمنا أن الانشقاقات داخل حزب العدالة والتنمية أصبحت واضحة للجميع في ظل سعي كل من علي بابا جان وعبد الله غول وداوود أوغلو لتأسيس أحزاب أو الانخراط في حزب جديد يكون بديلاً عن حزب العدالة والتنمية الذي يرأسه أردوغان نفسه، حتى أن داوود أوغلو هدد بفتح ملف الإرهاب المتورط به الرئيس أردوغان ذاته !
والسؤال الأخير: هل اقتربت نهاية السلطان أردوغان؟ أم أن الوقت مازال مبكرا ؟ والاجابة قد تكون عند الكبار ، فعلى جانبيك تميل يا أردوعان؟!
*غسان يوسف كاتب سياسي سوري – رئيس تحرير موقع أصدقاء سورية