في منتصف يونيو الماضي، حث الرئيس الصيني، شي جين بينغ، المشاركين في قمة “التعاون وبناء الثقة في آسيا”، المنعقدة في عاصمة طاجيكستان دوشنبه، على التفكير في “هيكلية أمن” المنطقة.
ومع أن بعض الخبراء والإعلاميين رأوا في هذه التصريحات توجه بكين نحو تشكيل حلف عسكري إقليمي تحت قيادتها، إلا أن محللين تحدثت معهم صوفيا ميلنيتشوك، الصحفية في وكالة “نوفوستي”، أشاروا إلى صعوبة قيام “ناتو آسيوي”، على الأقل في المستقبل القريب.
وفي حديث لـ “نوفوستي”، أشار سيرغي ساناكوييف، رئيس المركز التحليلي الروسي الصيني، إلى أن “ثمة تحديات حقيقية في المنطقة، وما يقوله شي جين بينغ لا يعكس خططه العدوانية الشخصية، إنما يمثل ردا لا بد منه”. كما أن الصين لم تعد تكتفي، في الدفاع عن مصالحها القومية، بالاعتماد على ذاتها بل تفضل أن تتصرف ضمن أطر الهياكل الإقليمية، في مقدمتها منتدى “التعاون وبناء الثقة في آسيا” و”منظمة شنغهاي للتعاون”، ومجموعة “بريكس”.
لذا فيعتبر ساناكوييف أن الزعيم الصيني لم يقل شيئا جديدا في دوشنبه، علما أن “هناك صيغا في آسيا معنية بقضايا الأمن الجماعي وهي التي ستشكل أساسا لتحقيق ما تحدث عنه شي جين بينغ”.
صور نمطية خاطئة
من جانبه، يرى فاسيلي كاشين، من مركز البحوث الأوروبية والدولية الشاملة، أن الصين لا ترى جدوى من التحول إلى عدو للولايات المتحدة وتشكيل حلف عسكري مناهض لها، أما الاتفاقات التي تبرمها بكين مع عواصم أخرى، فلا علاقة لها بتحالفات عسكرية لا من قريب ولا من بعيد.
وقال كاشين: “الأحاديث عن خطط الصين لتشكيل بديل للناتو خاص بها تأتي من عدم فهم كيفية أداء السياسة في آسيا. الناس يستخدمون صورا نمطية جاهزة، وتعقد مقارنات مع عهد الحرب الباردة لا جدوى منها في المنطقة الآسيوية”. وأوضح الخبير أن النظام الآسيوي بالغ التعقيد، ولا يمكن تطبيق المعايير الأوروبية عليه.
ولفت كاشين إلى أن غياب أي تكاتف بين دول آسيوية يقيد وإلى حد بعيد إمكانات الولايات المتحدة في بناء تحالفات واسعة، يمكن لواشنطن الاعتماد عليها في “ردع” الصين، وذلك إضافة إلى تخوف دول جنوب شرق آسيا من الوقوف أمام ضرورة “الاختيار” بين هذا الطرف أو ذاك في حال حدوث مواجهة بينهما.
ومما يعكس هذه الحقيقة، قول رئيس وزراء سنغافورة، لي هسين لونغ، الذي رد على دعوة نائب الرئيس الأمريكي، مايك بينس، للوقوف في وجه “العدوان”: “إذا كنت صديقا لبلدين متضادين، فبإمكانك أحيانا أن تكون على علاقة جيدة مع كلاهما على حد سواء، لكن الأمر قد يكون صعبا في أحيان أخرى”.
وتابع: “أعتقد أن الأحرى ألا نقف إلى جانب أي طرف، مع أن الظروف قد تجبرنا على الاختيار. وأملي أن لا يحدث ذلك قريبا”.
المصدر: نوفوستي