الخوف من النوم في السرير، أو الخروج ليلاً في الظلام، أو من الجنود، أو من دخول الحمام بمفرده، قد يعاني منه أي طفل، ويترك بصمة سلبية في شخصيته عندما يكبر، لذا على الوالدين عند ملاحظة ذلك الإسراع في علاج المشكلة.
وحول هذا الأمر، تحدثنا مع المستشار النفسي والأسري الدكتور ميسرة طاهر، الأستاذ في جامعة الملك عبدالعزيز سابقاً، الذي كشف أسباب الخوف عند الأطفال، وطريقة تفادي هذه المشكلة.
الأهل سبب الخوف عند الأطفال
بداية، أوضح الدكتور ميسرة، أن الخوف أمر فطري موجود لدى كل البشر، بمَن فيهم الأطفال، والحكمة الإلهية من زرع الخوف في نفوس البشر، هي حمايتهم من المخاطر التي تحيط بهم، لكنَّ الخوف إذا ما تطور، وخرج عن إطار المألوف، يصبح مرضاً، ويجب على الأهل أن يعلموا، أن السنوات الخمس الأولى في حياة الإنسان “الطفولة المبكرة”، تلزم وضع قواعد وحدود لسلامة الطفل، يشارك فيها كل مَن يسهم مع الأسرة في تربية وتنشئة الطفل، وأنه كلما تميزت حياة الأسرة بالطمأنينة والحب والرعاية والأمن، نشأ الطفل بشكل سوي بعيداً عن الاضطرابات، وعلى الأهل أيضاً أن يعلموا، أن جزئيات وتفاصيل بسيطة، يمكنها زعزعة أمن الطفل العقلي، وأن بعض التصرفات البسيطة تترك بصمة سلبية في شخصية الطفل، كونها تزرع الخوف في أنفسهم، مثل إخافة الطفل وتهديده بالقول: “بناديلك الحرامي، بجبلك الشرطة”، أو تركه يشاهد لقطات مرعبة في التلفاز حتى لو كانت الشخصية كرتونية.
وقال الدكتور ميسرة: الطفل لا يملك قدرة الفصل بين عالم الخيال، وعالم الحقيقة، وتبقى الأمور المخيفة التي يشاهدها، أو يسمعها في الطفولة معه حتى الكبر، حيث تعيش في ذاكرته، وقد تضره سلباً.
وأضاف: الجو العام المحيط بالطفل في المنزل، يؤثر بشكل مباشر على نفسيته، وتصرفاته، وليس هناك منزل يخلو من المشكلات، والمشاحنات بين أفراد الأسرة، لذا على الوالدين الدخول إلى غرفتهما، وحل الأمور العالقة بينهما بعيداً عن الطفل، والعمل على إظهار الألفة والمحبة بينهما أمامه، والإكثار من العبارات الطيبة.
المخاوف الطبيعية والمرضية
يخاف الطفل في السنة الأولى من عمره من الصوت المرتفع، إلا عند وجود أمه، حيث يشعر بالأمان معها، وفي عمر من 2-5 سنوات، يبدأ الخوف من الأشياء الطبيعية، مثل السقوط من مكان مرتفع، والغرباء، والحيوانات، وهذا الأمر من علامات بداية النضج، ويجب على الوالدين مساعدة طفلهما على تخطي هذه المخاوف بطرق ذكية، فالخوف من الغرباء يمكن اجتيازه بالطلب من “الغريب” الابتسام في وجه الطفل، أو إحضار حلوى معه، ليعرف الطفل أنه ليس شخصاً سلبياً، ويبدأ التعامل معه بشكل طبيعي، كما يجب تجنُّب إخافة الطفل من أمر يخاف منه، كأن نحمله بالقرب من مكان مرتفع، ونهده برميه، لكيلا تزداد العقدة لديه من الأماكن المرتفعة.
طرق الوقاية وعلاج الخوف عند الأطفال
علينا بداية تقسيم الأطفال إلى قسمين، الأول طفل دون سن المدرسة، والثاني طفل يدرس في المدرسة. ولعلاج الطفل الأول من الخوف، اربط مثير الخوف بانفعال سرورٍ، وكرِّر هذه الانفعالات حتى يتعوَّد عليها الطفل، مثلاً طفلٌ يخاف من أرنب، هنا على الأب ملاعبة الأرنب أمامه عن بُعد، كأن يكون في حضن أمه، ليشعر الطفل بالأمان تجاهه، وتكرار ملاعبة الأرنب، ثم الاقتراب به من الطفل رويداً رويداً حتى يعتاد على رؤيته، مع عدم الاستعجال في العلاج، وربط الأمر بمواضع يكون فيها الطفل سعيداً ومطمئناً.
أما في حالة الطفل الثاني، فقد لا يستطيع الوالدان علاجه في حالات خوف معينة، وفي كل الأحوال، على الوالدين معرفة سبب الخوف الحقيقي لدى طفلهما، والبحث في الأمور المحيطة به، وملاحظة ما يثيره، مثل شِجار الإخوة أمامه، أو صراخ الأم، وغير ذلك، ومن المهم أن يكون الطفل قادراً على التعبير عن خوفه بالكلام لعرضه على مختص، يجمعه مع أطفال آخرين في مكان معين، ويتحدث كل واحد منهم عن مخاوفه أمام الجميع، ليشعر الطفل بأنه ليس الوحيد الذي يشعر بالخوف، وهذا يخفِّف عنه كثيراً.