استضاف موقع أصدقاء سورية (Syria Friends) الفنان الممثل بشار اسماعيل وخلال اللقاء تحدث الفنان اسماعيل عن عدد من القضايا المطروحة في الوسط الفني كتأجيل انتخابات نقابة الفنانين وخلافه مع نقيب الفنانين زهير رمضان إضافة إلى الحديث عن وضع الدراما السورية لهذا العام وفيما يلي نص الحديث كاملا:
س – نتعرف بداية على بشار إسماعيل الإنسان، الطالب، المواطن قبل أن يكون فناناً؟
ج – تخرجت من المعهد العالي للفنون المسرحية في عام 1985 ، كنت سابقا في سلك الجيش والقوات المسلحة ثم درست في المعهد العالي للفنون المسرحية ، بدأت العمل الفني في عام 1988 من خلال برنامج ( الكاميرا الخفية ) الذي كان مشهوراً ومميزاً في الوطن العربي ، استطعت من خلاله أن أتجاوز مرحلة كبيرة وألا أمر في مرحلة الأدوار الثانية أو مرحلة (الكومبارس) ولكن مباشرة أصبحت معروفاً على الأرض السورية وإلى الأماكن التي كان يصل إليها بث القناة الثانية ، في ذلك الوقت ، كما تعرف لم يكن هناك انترنت ولا بث فضائي .
س – عندما درست في المعهد العالي للفنون المسرحية، هل كنت تتوقع أن الدراسة في المعهد ستوصلك إلى النجومية؟ أم أنك تعتقد أن التمثيل موهبة؟
ج – التمثيل موهبة من رب العالمين ولكن المعهد العالي للفنون المسرحية هو الذي يصقل هذه الموهبة لأنه يُنمي المدارك الثقافية بكل أشكال الثقافة من قراءة المسرح وقراءة الروايات والاطلاع على ثقافة العالم يجب أن يكون الممثل ملماً ولو قليلاً بالموسيقى ثم يأتي المعهد العالي ليقوّم هذا الإلمام ويزيد التجربة الموسيقية فيه، عندك مثلاً .. الإلقاء.. الليونة .. حركات الرقص .. كل هذا يصقل عمل الممثل ليكون قادراً على أن يقدم التكامل الفني في العرض المسرحي أو التلفزيوني ويكون على الأقل ممثلاً متكاملاً يعرف في كل شيء.
س – قلت إنك عُرفت من خلال الكاميرا الخفية، لكن المشاهدين بشكل عام عرفوك من خلال مسلسلات مرايا، أي كان لك تجربة مع الفنان الكبير ياسر العظمة حبذا لو تتكلم لنا عن هذه التجربة وتأثيرها على شخصيتك بشكل عام، سواء في حياتك الاجتماعية أو مسيرتك الفنية؟
ج – بالنسبة لي الأستاذ الفنان الكبير ياسر العظمة هو أستاذي في كل شيء طبعا .. بالإضافة لأساتذتي في المعهد العالي للفنون المسرحية مثل مانويل جيجي وشريف شاكر وسهيل شلهوب هؤلاء هم من درسوني في المعهد أما من ساعدني في صقل هذه التجربة وتقديمي للناس كان الفنان الكبير الأستاذ ياسر العظمة الذي عندما كنت أعمل معه كنت أشعر أنني في نزهة وليس في عمل فني لأن العمل مع هذا الرجل هو صقل لكل شيء ويقدم لك كل ما هو مفيد وممتع وليس أنا فقط بل كل الذين عملوا معه ، تسعون بالمئة من الممثلين في سورية خرجوا من عباءة مرايا وحتى الأعمال التي أتت بعد مرايا مثل بقعة ضوء وكلاكيت وكونتاك … الخ فلذلك أنا أقول إن ياسر العظمة هو أستاذ الجميع .
س – أستاذ بشار لاحظنا في الفترة الأخيرة غياب مرايا عن الشاشات ما أفسح في المجال لبقعة ضوء وغيرها .. كيف تقيم مسلسل بقعة ضوء خصوصاً أنه عمل موسمي أي في كل رمضان من كل عام هناك (بقعة ضوء ) البعض يقول إن بقعة ضوء تراجع كثيرا
ج – طبعا أي شيء مرهون بالمال، المال هو سيد الموقف ، أو اسمح لي أن أقول لك : ” المال هو سيد الكون ” فلذلك عندما يتوفر المال في يد المبدع قطعا سيشاهد المشاهد إبداعا ولكن عندما لا يتوفر المال سيبقى المبدع في قوقعة لا يمكن لأحد أن يعرفه أو يتعرف على ثقافته وفكره وفنه أو إبداعه ، بقعة ضوء خلفها مؤسسة مالية كبيرة ودعم ، على عكس مرايا ! كان الأستاذ ياسر العظمة يأخذ منتج منفذ واحد وينتج هذا العمل الضخم، لكن الظاهر أنه في الحرب على سورية لم يتجرأ أحد على أن يعطي ياسر العظمة منتجاً منفذاً واحداً خوفاً على ماله وكما يقال : “رأس المال جبان” ، فلذلك أعتقد أن غيابه ليس بإرادته ، وبغياب الأستاذ ياسر العظمة تقدمت أعمال أخرى وأخذت الساحة ولكنها لا ولن ولم تصل في يوم من الأيام إلى مستوى خصر هيكل مرايا!
س – أستاذ بشار خلال سنوات الحرب على سورية لاحظنا أن الدراما تراجعت بشكل عام ربما بسبب هجرة بعض الممثلين إلى الخارج، البعض يقول إن النصوص أصبحت أيضاً ضعيفة والبعض الآخر يقول بأن الدراما لم تستطع مواكبة الحرب على سورية أو قراءة الواقع بشكل صحيح .. كيف تقرأ وضع الدراما في سورية ؟
ج – أولا سأبدأ بهجرة الممثلين أو قصدك النجوم هذه المسألة لا تؤثر لأن النجم لا يُسمى نجما إلا إذا كان نجماً سينمائياً أي يدر مرابح على شباك التذاكر هناك مجموعات هائلة من الفنانين الوطنيين الكبار الموهوبين يستطيعون أن يحلوا محل أي إنسان ، أنا أقول إن من خرجوا أخذوا فرصتهم ، صحيح إن البعض يتكلم بأن السبب وراء انهيار الدراما السورية هو خروج بعض الممثلين إلى الخارج ، أنا لا أرى أن هناك انهيار للدراما السورية ولكن في الفترة السابقة كان هناك حالة من اللا أمان في عملية التصوير فلذلك خفت الدراما ولكن أن نقول إنها انهارت أو أصبحت على شفا الانهيار فهذا الكلام مرفوض جملة وتفصيلا النصوص المقدمة والإنتاج التلفزيوني في سورية إنتاج عظيم ومازال عظيماً وأنا ضد أن يقول البعض إن هناك انهيار حتى بالأفكار فالنص الذي يُقدم يتحول إلى لحم ودم وروح عن طريق الممثلين وعن طريق التكامل الفني، ولكن أن نقول إن النصوص يجب أن تواكب مرحلة الحرب هذه فيها استحالة لأنه مهما قدمت عن هذه الحرب سيكون شيء واهي وضعيف لأنك أنت ترى الحقيقة أمامك من خلال وسائل الاعلام وما يجري في سورية فإذا أردت أن تمثل أي واقعة أو أي قصة تجري أثناء الحرب أو الآن ونحن بفترة نهايات هذه الحرب لا يمكن أن تقنع المشاهد بهذه المسألة لأن ما بين الحقيقة والتمثيل هناك فرق شاسع كالفرق بين السماء والأرض أما بعد عشرة أو خمسة عشرة عاماً أردنا أن نكتب نصوص أو نمثل ما جرى في سورية لتثقيف المواطن حول هذه الجريمة الكبرى التي وقعت في سورية ومن الممكن أن تصدق الناس هذه النصوص ، أنا أقول إنه يجب التركيز على أعمال الأطفال لأن هناك جيلاً كاملاً أصبح جيلاً مشوهاً مليئاً بالأمراض النفسية لذلك يجب التركيز على عمل مثل (كان يا ما كان ) الذي أنتجه في الثمانينات أو بداية التسعينات الأستاذ داوود شيخاني وقد طلبت من السيد وزير الاعلام ذلك ولقيت تجاوباً كبيراً.
إذاً ملخص حديثي أن الدراما السورية ما زالت متألقة بالرغم من الحرب الكونية التي شُنت على سورية وهناك لغط حول بعض المسلسلات أنها تعادي السلطة أو تتكلم عن السلطة أو النظام أنا أعتقد أن هذا الموضوع أو هذا الكلام مرفوض جملة وتفصيلاً.
س – البعض قال : إن الدراما تحدثت بشكل مباشر عن الفساد في سورية ودلل على ذلك بمسلسل دقيقة صمت هل فعلاً ستكون الدراما في المرحلة القادمة وخصوصا بعد انتهاء الحرب على سورية هي دراما مكافحة الفساد ودون أن يكون هناك مقص للرقيب ؟
ج – تناول موضوع الفساد من قبل أي مسلسل ، يعني أن هذا المسلسل يتكلم عن أشخاص فاسدين ، الفساد مسألة عالمية لا يمكن لأي عمل سواء كان عملاً فنياً أو دينياً أو توجيهياً أن يُلغي الفساد من هذا العالم لأن المسألة هي مسألة داخلية تخص الأشخاص أنفسهم ، هل يُعقل أن عدد سكان سورية 23 مليون وأن الجميع فاسدين ، لا هناك سوء في اختيار مجموعة من الأشخاص توضع في مناصب معينة لخدمة المواطنين ولكنها تستغل مناصبها لمصالحها الشخصية إذاً المسألة أو القضية قضية أخلاق وسوء اختيار فأنا أقول : أن هذه المسألة مع الزمن يجب أن تسوى لأن الفساد أصبح واضحاً والفاسدين واضحين وضوح الشمس ، هناك مسألة مهمة جداً أن الفاسد لا يمكن أن يتخلى عن فساده ، لذلك يجب أن يعاقب الفاسد.
س – أستاذ بشار الناس دائما تنظر إلى بشار إسماعيل كفنان ولكنه اشكالي لديك خلافات مع بعض الفنانين ومنهم نقيب الفنانين الأستاذ زهير رمضان، ربما البعض يعتقد بأن الأمور شخصية هل لنا أن نعرف منك عن ماهية الخلاف بينك وبين النقيب؟
ج – المسألة أن الناس تعتقد كما قلت أنت أن المسألة شخصية ، لا ليس هكذا ، نقيب الفنانين صديقي وزميلي منذ أيام المعهد أي نحن عشرة عمر كما يقال ، لكن أنا أتكلم مهنيا ، أي عندما تكون في منصب أهلك لتكون حامل لواء الأمانة لفائدة أعضاء نقابة الفنانين ثم تخون هذه الأمانة فهذه المسألة هي التي دعتني لأن أتكلم وأن أقف ولو قليلا في وجهه وعلى الرغم من أن هذا الرجل ليس له علاقة ، العلاقة في القيادة القطرية التي أجلت مسألة انتخابات نقابة الفنانين إلى هذه اللحظة حتى كدنا نقول بأن السيد نقيب الفنانين هو نقيب إلى الأبد وهذه خطيئة كبرى من وجهة نظري ، والمسألة مسألة أخلاق وليس لدي ما أقول إلا كما قال أمير الشعراء أحمد شوقي : ” وإذا أصيب القوم في أخلاقهم فأقم عليهم مأتماً وعويلا ” باختصار شديد .
س – أستاذ بشار البعض يشتكي من نقيب الفنانين بأنه قام بفصل عدد من الفنانين لأسباب لم تكن مقنعة هذا من جهة، من جهة أخرى هل يمكن لنقابة الفنانين أن تكون مسيسة؟
ج – ليس هناك شيء في هذه الدنيا إلا مسيس، السياسة تتدخل في كل شيء وخصوصا في الوطن العربي والعالم الإسلامي، لذلك هل يحق للنقابة أن تفصل أو لا تفصل؟ أنا لو كنت مكان نقيب الفنانين لا أفصل أحداً إلا من قدم السلاح للإرهابيين أما الفصل من أجل خلاف في الرأي فهذا غير صحيح فهو مواطن سوري إذا كان على خلاف مع النظام أو مع السلطة ومشى وراء شعارات كاذبة أتتنا من الخارج فلا بد لهؤلاء أن يعيدوا حساباتهم ويشعروا بالندم أو الخطأ ويرجعون لكنهم لم يشكلوا أذية لسورية الوطن ، فمثلا إذا ذهبت إلى طهران وهذه تجربة شخصية سترى مليون مذهب ومليون رأي ومليون طائفة ومليون دين وكلهم ينتقدون ، البعض منهم ينتقدون الثورة الإسلامية ولكن هذا الجمع المتناقض في أرائه لا يسمح لأحد بالتحدث بسوء عن (إيران الوطن ) ومن يتحدث بسوء عن إيران لا أحد يحترمه وقد يعاقب ، إذاً مسألة الوطن هي مسألة مقدسة ، يعني يجب أن نلتف جميعا حول هذا الوطن الذي هو وطن للجميع عندما نختلف في الآراء يجب ألا نختلف على وطن ، الوطن مقدس .
س – أين تجد نفسك في أي عمل فني كوميدي تاريخي اجتماعي، هل شعرت يوما وأنت تؤدي أدوارك أن هذه هي شخصية بشار إسماعيل الحقيقية؟
ج – الممثل يجب ألا يرى نفسه في دور معين ويحدد نفسه في مكان معين .. أنا درست معهد عالي للفنون المسرحية، إذا يتوجب علي أن أؤدي الأدوار كافة التي توكل إليّ بنسب نجاح وهذا الموضوع يحدده المشاهد الذي هو من يرفع الفنان أو يخفضه فلذلك الجمهور هو الحكم الفصل، ولذلك أنا أرى نفسي بأي دور يوكل إلي، يجب أن يعلم الجميع أن الممثل هو الوحيد الذي يقدم الحقيقة لأنه يقرأ النص ويعرف حقيقة النص ثم يقدمه للمجتمع، إذاً هو يقدم حقيقة ولا يقدم تمثيلا.
– في نهاية هذا اللقاء كل الشكر لك الأستاذ الفنان الممثل بشار اسماعيل شرفت موقع أصدقاء سورية.
– كل الشكر لكم وللعاملين في موقع أصدقاء سورية على هذه الاستضافة.