كهوف يونقانغ
تقع كهوف يونقانغ في السفح الجنوبي لجبل ووتشو الذي يبعد 16 كيلومترا غرب مدينة داتونغ بمقاطعة شانشي. وتمتد تلك الكهوف الرائعة ذات المحتوى الوافر، نحو كيلومتر من الشرق إلى الغرب. بدأ حفر كهوف يونقانغ في عام 453 خلال فترة أسرة وي الشمالية (386- 534 م)، وتمت معظم أعمال الإنشاء قبل عام 494، لكن أعمال نحت التماثيل استمرت حتى عام 525 م. ولا يزال باقيا إلى اليوم 45 كهفا من أصل 252 كهفا كانت موجودة في يونقانغ. وتضم الكهوف أكثر من واحد وخمسين ألف تمثال حجري، يبلغ ارتفاع أطولها 17مترا، بينما لا يزيد طول أقصرها عن عدة سنتيمترات. وتتميز تماثيل “بوذا” و”الحراس الأقوياء” و”الحوريات الطائرات” بالحيوية الناطقة، في حين تتميز النقوش على الأعمدة الحجرية بالدقة البالغة. وقد أدرجت هذه الكهوف ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو في عام 2001.
وتجدر الإشارة إلى أن كهوف يونقانغ توارثت روائع فنون المدرسة الواقعية في فترة أسرتي تشين وهان ، كما تتجلى فيها سمات الفنون الرومنطيقية التي ازدهرت في فترة أسرتي سوي وتانغ، لذلك تسمى كهوف يونقانغ مع كهوف موقاو بمقاطعة قانسو وكهوف لونغمن بمقاطعة خنان “المستودعات الكبرى الثلاثة لفنون الكهوف الحجرية الصينية”، وكذلك تعتبر من أشهر مستودعات التماثيل الحجرية في العالم.
تنقسم مراحل حفر كهوف يونقانغ إلى ثلاث، لكل منها مميزات مختلفة، إذ تتميز الكهوف المحفورة في المرحلة الأولى مثل كهف “تانياو” رقم 5 بفخامة المظهر وبساطة الأسلوب، تماما مثل الفنون القديمة للمناطق الغربية؛ في حين تتسم الكهوف المحفورة في المرحلة الثانية بدقة النحت وفخامة الزخارف، وتتجلى فيها الأساليب الفنية لأسرة وي الشمالية، وهي التغيرات المعقدة مع التزيين الرائع؛ أما كهوف المرحلة الثالثة فحجمها صغير، لكن ملامح تماثيل الأشخاص فيها تتسم بالرشاقة والجمال والوسامة والتناسق، لذلك تعتبر نموذجا لفن الكهوف الحجرية في شمال الصين ومصدر إلهام لتماثيل الأشخاص ذات الوجوه الرشيقة. وبالإضافة إلى ذلك، يعكس النحت بالكهوف حول مشاهد الرقص والغناء وألعاب الأكروبات انتشار الأفكار البوذية وأحوال الحياة الاجتماعية في أسرة وي الشمالية.
ومن أبرز ما يجعل كهوف يونقانغ متميزة عن غيرها أنها تجسد بصورة ملموسة المسيرة التاريخية لتطور الفنون البوذية من الأسلوب الهندي وأساليب آسيا الوسطى إلى الأساليب الصينية، كما تعكس أيضا تغيرات التمثال من حيث المضمون، من الطبيعة الدينية البوذية إلى الحياة الاجتماعية الصينية، ومن حيث الشكل، من الشخصيات الهندية إلى الصينية.
وتعتبر كهوف يونقانغ بوتقة انصهرت فيها كافة الفنون البوذية للتماثيل بصورة غير مسبوقة، ويعتبر أسلوب يونقانغ نقطة تحول لتطور الفنون البوذية الصينية. وقد تأثرت بها، بدرجات متفاوتة، كهوف موقاو بمقاطعة قانسو وكهوف لونغمن بمقاطعة خنان التي حفرت في زمن أسرة وي الشمالية.
لقد مثلت كهوف يونقانغ بداية حقبة “تصيين” فنون الكهوف الحجرية، وانتشرت أساليب النحت من نحت القصور الذي ظهر في المرحلة الثانية لكهوف يونقانغ ونحت محراب تمثال بوذا الصيني الذي ظهر على أساس ذلك في المعابد على نطاق واسع في الأسر الإمبراطورية التالية. ويظهر ترتيب الكهوف وتزيينها في المرحلة الثالثة لكهوف يونقانغ فنون العمارة والزخرفة الصينية وتعمق تصيين الفنون البوذية.
على امتداد مجرى نهر ييشوي الصافي جهة الشمال، في مكان يبعد 13 كيلومترا عن مدينة لويانغ، يمكن أن ترى مئات الآلاف من التماثيل الحجرية لبوذا، قائمة في كهوف الجبال الممتدة لمسافة كيلومتر على جانبي النهر. هذه هي كهوف لونغمن.
بدأ حفر كهوف لونغمن في عام 493. الكهف الكبير يضم تمثالا لبوذا طوله عشرات الأمتار، أما الكهف الصغير فلا يتسع إلا لتمثال في حجم الإصبع. تتكون كهوف لونغمن من 2345 كهفا بوذيا و70 باغودة مرتفعة ومنخفضة و2800 نصب منحوت. تتوزع الكهوف على الجبال متراصة طبقة فوق طبقة، أشبه بكوات مطلة على النهر لتشكل منظرا رائعا.
الزخارف في كهف (بينيانغ) فاخرة. تتعلق في أعلاه ستائر وحبال مثقوبة.
وعلى الأرضية زخارف نحت لزهور اللوتس. وعلى الجدران الداخلية صورتان ضخمتان بالنحت النافر، إحداهما ((الإمبراطور يقدس بوذا)) والأخرى ((الإمبراطورة تقدس بوذا))، وهما من المعلومات القيمة في دراسة طقوس البلاط وأزياء العائلة الإمبراطورية وقتذاك.
معبد فنغشيان تم بناؤه عام 675 بتبرعات من وو تسه تيان، الإمبراطورة الوحيدة في تاريخ الصين. بلغ المعبد قمة فنون التصميم والنحت. وضع فيه تمثال لبوذا باسم لوسانا، قوي الجسم ويبدو معتدل المزاج ولطيف المُحيا وجميل القسمات. ارتفاع رأسه متر واحد وطول جسمه 17 مترا وطول أذنه 9ر1 متر. ويقف على جانبيه تلاميذه احتراما له، مثل النجوم التي تحيط بالقمر.
على جدران جانبي مدخل كهف ياوفانغ، نحوت تمثل وصفات طبية لعلاج أكثر من 140 داء منها ألم القلب وضعف المعدة والعطش الشديد، لها أهمية في دراسة الطب والعقاقير في أوائل عهد أسرة تانغ.
وتضم كهوف لونغمن فيضا هائلا من المعلومات الحية حول الفن والموسيقى وفن الخط والملابس وفن العمارة والطب والعقاقير، فيمكن القول إنها متحف ضخم للمنحوتات الحجرية.
في نهاية عام 2000، وافقت منظمة اليونسكو للأمم المتحدة على إدراج كهوف لونغمن ضمن قائمة التراث الثقافي والطبيعي العالمي.
لا غنى عن تماثيل الكهوف الحجرية لفهم ودراسة التاريخ والفن في الصين. وتماثيل كهوف داتسو لؤلؤة مشرقة بين التماثيل الحجرية القديمة في الصين، وتعتبر درة فن الكهوف.
في ديسمبر عام 1999 أدرجت كهوف داتسو ذات الأهمية التاريخية والفنية الخاصة ضمن قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو. هذه الكهوف تجذب ملايين الزوار من أنحاء الصين ومن الخارج كل عام.
داتسو محافظة تتبع بلدية تشونغتشينغ. وتبعد 83 كم إلى الغرب من مدينة تشونغتشينغ و 256 كم إلى الشرق من مدينة تشنغدو، حاضرة مقاطعة سيتشوان.
تنتشر كهوف داتسو في أكثر من 75 موقعا بالمحافظة، وتحتوي على أكثر من خمسة آلاف تمثال حجري ترجع لزمن أسرة تانغ وأسرة تشينغ. وتقع بشكل رئيسي في جبل باودينغ وجبل بيشان وجبل شيمن وجبل نانشان وجبل شيتشوان.
لقد جاء فن الكهوف إلى الصين مع البوذية قبل ألفي عام. في شمال الصين وخصوصا في المناطق على طول طريق الحرير ووادي النهر الأصفر، استوعبت كهوف داتسو جوهر تماثيل كهوف يونقانغ ولونغمن، وحققت فتحا في فن الكهوف، فيما يتعلق بموضوعاتها وأشكالها الفنية وفنونها البديعة ومفاهيمها الجمالية، وأنشأت أسلوبا فنيا جديدا.
تعرض تماثيل داتسو تطور فن الكهوف والمعتقدات الدينية في الصين من أواخر القرن التاسع إلى أواسط القرن الثالث عشر، من تماثيل الكهوف إلى تماثيل الأجرف. إن كثيرا من تماثيل داتسو على أوجه الأجرف، وليس مثل تماثيل كهوف موقاو وكهوف لونغمن ويونقانغ. التقنية الثلاثية الأبعاد للفنون اللدائنية وتقنيات الواقعية واللجوء إلى المبالغة في التعبير الفني دُمجت في إبداع التماثيل في داتسو.
ومما يثير الدهشة، التباين بين الخير والشر وبين الجمال والقبح في التماثيل النابضة بالحياة وعبقرية الفنانين في اختيار الموضوعات والتصميم. وتبين التماثيل التي تحررت من بعض تقاليد التماثيل الدينية، فنا باهرا في الإنارة والميكانيكا والمنظور والتصريف.
كهوف داتسو تتحلى بالعظمة مثل كهوف موقاو وكهوف لونغمن وكهوف يونقانغ. هذه الكهوف الأربعة تشكل تاريخ فن الكهوف بالصين.
ينغبو وغيرها من المناطق.