الجامع الأموي (دمشق)جزء2

ونتابع ….

و يوجد داخل الجامع الأموي ضريح يوحنا المعمدان (أو النبي يحيى) داخل قاعة الصلاة في المسجد

وأصبح المعبد الروماني الجديد السلطة التشريعية الدينية في مدينة بسبب حجمه الكبير،

وكان الغرض من تشييد المعبد الروماني الذي أصبح فيما بعد المركز الرئيسي لعبادة في الإمبراطورية الرومانية، أن يكون منافسا للمعبد العبري في القدس.

وقد أضيف لـ معبد جوبيتر المزيد من الإضافات خلال الفترة الأولى من الحكم الروماني للمدينة، وأصبح أغلب كهنة المعبد أثرياء، بسبب التبرعات التي كانوا يجمعونها من المواطنين الأثرياء في دمشق.

وقد تم توسيع البوابة الشرقية لفناء المعبد في عهد سيبتيموس سيفيروس (حكم 193-211 م).

بحلول القرن 4م، أصبح المعبد مشهورا بسبب حجمه وجماه. وتم فصله عن المدينة بمجموعتين من الجدران.

وكان أول جدار الذي يعتبر الأكبر يمتد على مساحة واسعة شملت السوق، أما الجدار الثاني فهو يحيط بحرم معبد جوبيتر الأصلي.

وكان هذا المعبد الأكبر في سوريا الرومانية. وفي نهاية القرن 4 ميلادي، تحديداً في 391، تم تحويل معبد جوبيتر إلى كاتدرائية القديس يوحنا بأمر من الامبراطور ثيودوسيوس الأول (حكم 379-395). لكن هذه الكاتدرائية المسيحية لم تكن مكرسة مباشرة ليوحنا المعمدان – النبي يحيى -، وقد تم تكريسها في وقت لاحق من القرن 6 ميلادي. حيث تشير الأسطورة المحلية أن رأس يوحنا المعمدان – النبي يحيى – دفن هناك. وكانت بمثابة مقر أسقف دمشق، الذين يحتلون المرتبة الثانية ضمن بطريركية أنطاكية بعد البطريرك نفسه

ولا تزال أطلال المعبد باقية من منطقة سوق الحريم وحتى منطقة القيمرية.

الفتح الإسلامي وقيام المسجد

في عام 634، تمت محاصرة دمشق من طرف الجيوش الإسلامية بقيادة خالد بن الوليد، ونجح خالد بضمها للأراضي الإسلامية صلحا. بعد عقود من فتح دمشق، أصبحت الخلافة الإسلامية تحت حكم السلالة الأموية، الذين اختاروا دمشق لتكون العاصمة الإدارية للعالم الإسلامي. وقد كلف الخليفة الأموي السادس، الوليد بن عبد الملك (705–715م) الصناع والمهندسين، ببناء المسجد في موقع الكاتدرائية البيزنطية في عام 706 م.

قبل هذا، كانت الكاتدرائية لا تزال قيد الاستخدام من طرف المسيحيين المحليين، ولكن قد تم تشييد غرفة صلاة (المصلي) للمسلمين في الجزء الجنوبي الشرقي من المبنى.

الوليد، الذي أشرف شخصيا على المشروع، أمر بهدم معظم الكاتدرائية، بما في ذلك المصلى، وتم تغيير تخطيط المبنى تماما، ليستخدم كمسجد كبير لصلاة الجماعة لمواطني دمشق ومعلما دينيا لمدينة دمشق.احتج المسيحيون على هذه الخطوة، وردا على هذا احتجاج أمر الوليد بإسترجاع جميع الكنائس المصادرة الأخرى في المدينة إلى المسيحيين كتعويض. واكتمل بناء المسجد في عام 715 م، بعد وقت قصير من وفاة الوليد، وخلفه سليمان بن عبد الملك (715–717م) في الحكم..

ووفقا لمؤرخ القرن العاشر ابن الفقيه، تم إنفاق ما بين 600 ألف و 1,000,000 دينار على المشروع، وقد اشتغل به حرفيون أقباط، فضلا عن عمال فارسيين وهنديين ويونانيين ومغاربة الذين يشكلون الجزء الأكبر من القوة العاملة التي تتألف من 12 ألف شخص.

ويذكر ابن الفقيه أيضا أن العمال وجدوا مغارة تعود للكنيسة البيزنطية أثناء بناء المسجد، وكانت هذه المغارة تحتوي على صندوق يوجد به رأس القديس يوحنا المعمدان حسب المعتقد المسيحي، أو النبي يحيى بن زكريا في الإسلام. فأمر الوليد بتركه على حاله، وجعل عمودا قائما على المغارة كعلامة مميزة ثم وضع فوقه تابوت عليه اسم النبي يحيى.

القبة التي بنيت في عام 780

في أعقاب الانتفاضة التي أنهت حكم الأمويين عام 750م على يد العباسيين، وأصبحت الخلافة الإسلامية تحت حكم السلالة العباسية الذين قاموا نقل عاصمة الخلافة من دمشق إلى بغداد. وبصرف النظر عن موقع دمشق الإستراتيجي والتجاري، لم يكن للعباسيون مصالح في دمشق. وبالتالي، فإن المسجد الأموي قد عانى في بداية حكمهم، مع القليل من نشاط البناء المسجل بين القرنين 8 و 10 .

ومع ذلك، فإن العباسيين نظروا للمسجد ليكون رمزا رئيسيا لانتصار الإسلام، وبالتالي نجا المسجد من منهجية القضاء على تركة الأمويين في مدينة دمشق. .

وقام الفضل بن صالح بن علي الحاكم العباسي في دمشق، ببناء قبة في القسم الشرقي من المسجد في 780م .

وبعد تسع سنوات، بدأ بتشييد قبة الخزينة بغرض إدخار أموال المسجد  و جاء في مذكرات الجغرافي المقدسي، أن العباسيين قاموا ببناء المئذنة الشمالية ( “مئذنة العروس ” ) من المسجد في عام 831 في عهد الخليفة المأمون (813-833) .

وقد أمر المأمون بإزالة و استبدال النقوش الأموية في المسجد. بحلول القرن 10م، تم تركيب ساعة ضخمة عند المدخل في الجزء الغربي من الجدار الجنوبي للمسجد ( باب زيادة ) ويبدو أن هذه الساعة قد توقفت عن عملها بحلول منتصف القرن 12م.

قبة الخزنة، بنيت عام 789م

أصبح الحكم العباسي على بلاد الشام متداعيا خلال القرن 10، وفي العقود التي تلت ذلك، أصبحت بلاد الشام خاضعة لحكم الأمراء المحليين، وكانت تابعة للخلافة العباسية اسميا فقط. وفي عام 970م، قام الفاطميون من مصر، بغزوا دمشق، وأجرى الفاطميون بعض التحسينات المسجلة للمسجد. وسمح لسكان دمشق بممارسة مذهبهم السني داخل الجامع الأموي في سكان، وتمكينهم من الحفاظ على الاستقلال النسبي من السلطة الدينية الفاطمية الشيعية. وفي 1069، تم تدمير أجزاء كبيرة من المسجد، خاصة الجدار الشمالي، في حريق نتيجة لانتفاضة سكان مدينة دمشق ضد الجيش الفاطمي بسبب الإعتداءات من طرف الثكنات الفاطمية في حق سكان دمشق

عصر السلاجقة والأيوبيين

في سنة 1078م، استعاد سلاجقة الأتراك مدينة دمشق من أيدي الفاطميين، وأصبحت دمشق تابعة للخلافة العباسية إسميا فقط. وشرع الملك السلجوقي تتش بن ألب أرسلان (حكم 1079-1095 ) لإصلاح الأضرار الناجمة عن الحريق الذي أصاب المسجد سنة 1069،

وفي عام 1082م، قام أبو نصر أحمد بن الفضل وزير تتش السلجوقي، بإعادة تشييد القبة المركزية في شكل أكثر إثارة؛ [38] وقام أيضا بترميم اثنين من الأرصفة دعم وتجديد الفسيفساء الأموية الأصلية من الواجهة الداخلية الشمالية للمسجد. وأعيد بناء الرواق الشمالي في عام 1089م

وفي عام 1110م، قام ظاهر الدين طغتكين (حكم 1104-1128 ) وهو أحد أتابكة السلاجقة في دمشق، بإصلاح الجدار الشمالي وتم تخصيص نقشين له أدرجا فوق مدخل.

وفي عام 1113، تم إغتيال شرف الدين مودود(حكم 1109-1113 ) أحد أتابكة السلاجقة في الموصل في الجامع الأموي .

وبما أن الصراع بين دمشق والصليبيين زاد في منتصف القرن 12م، كان المسجد الأموي بمثابة نقطة التجمع الرئيسية لدعوة المسلمين للدفاع عن المدينة واستعادة القدس إلى أيدي المسلمين. ويعتبر ابن عساكر أحد الأئمة البارزين الذي بشروا بالجهاد، وعندما تقدمت الصليبيين نحو دمشق سنة 1148، استجاب سكان المدينة لدعوات المطالبة بالجهاد؛ وعلى إثر هذا انسحب الجيش الصليبي نتيجة المقاومة البطولية من سكان دمشق

الجامع الأموي في دمشق

وفي عام 1154 م، خلال عهد نور الدين زنكي، بنيت ساعة أثرية ثانية، وساعة جيرون المائية، بأوامر شخصية من نور الدين. وشيدت الساعة من خارج المدخل الشرقي للمسجد (باب جيرون) من قبل وأعاد بناؤها المعماري محمد الساعاتي، بعد حريق أصاب المسجد في عام 1167، كما تم ترميمها في نهاية المطاف على يد ابنه، رضوان، في وقت مبكر من القرن 13. وقد نجت من حريق في القرن 14. وقد زار الجغرافي العربي الإدريسي المسجد الأموي عام 1154

وفي العهد الأيوبي شهدت دمشق وإنشاء العديد من المؤسسات الدينية، وتم الإبقاء على الجامع الأموي في مكانه كمركز للحياة الدينية في المدينة. ووصف الرحالة الأندلسي ابن جبير أهمية المسجد كمركز شامل للعلوم الدينية، نظرا لإحتوائه العديد من الزوايا المختلفة للدراسات الدينية والقرآنية. وفي عام 1173، تعرض الجدار الشمالي للمسجد مرة أخرى لأضرار بسبب إندلاع حريق، وأعيد بناؤه من قبل السلطان الأيوبي صلاح الدين (حكم 1174-1193)، جنبا إلى جنب مع مئذنة العروس،  التي كانت قد دمرت في الحريق الذي وقع سنة 1069م،  وخلال النزاعات الداخلية بين الأمراء الأيوبيين في وقت لاحق، تعرضت مدينة دمشق بسب هذه النزاعات لأضرار كبيرة، وفي عام 1245م، تم تدمير المئذنة الشرقية للمسجد المعروفة ب مئذنة يسوع على يد الصالح أيوب سابع خلافاء بني أيوب بمصر، أثناء محاصرته لدمشق في عهد الصالح إسماعيل الأمير الأيوبي لدمشق. وقد أعيد بناء المئذنة في وقت لاحق مع إضافة زخرفة قليلة لها.

دفن صلاح الدين الأيوبي مع العديد من خلفائه، حول المسجد الأموي