بعد ما يزيد على أسبوعين من القصف المتبادل على حدود منطقة «خفض التصعيد» في محيط إدلب، شهدت خطوط التماس معارك محدودة الزمن في أكثر من محور. وبالتوازي، صعّد «التحالف» استهداف بلدة الباغوز في ريف دير الزور الشرقي، فيما يلتقي رئيس هيئة الأركان الروسي ونظيره الأميركي في فيينا لبحث ملفات عدة على رأسها سوريا
يرتفع منسوب التوتر على خطوط التماس المحيطة بالمنطقة «منزوعة السلاح» المفترضة في محيط إدلب، مع تحوّل عمليات القصف المتبادل إلى اشتباكات ومعارك عنيفة في عدّة جبهات بين ريفي حماة واللاذقية، وسط تكرار للتصريحات الروسية المطالبة تركيا بتنفيذ «مذكرة التفاهم» الموقّعة في سوتشي، منتصف أيلول الماضي. إذ شهد ريف حماة الشمالي، فجر أمس، هجوماً عنيفاً نفّذته عدة فصائل، معظمها منضوٍ ضمن «غرفة عمليات وحرّض المؤمنين» على محور المصاصنة، باتجاه بلدة طيبة الإمام، في موازاة هجوم على نقاط الجيش السوري في جبل القلعة، في ريف اللاذقية الشمالي الشرقي. الهجوم في المصاصنة استمرّ لأكثر من ساعة في ظروف جوية قاسية، قبل أن يتمكّن الجيش من احتوائه واستعادة النقاط التي خسرها في ساعات الفجر، فيما استُهدفت عدة نقاط للجيش في جبل القلعة بقذائف صاروخية وأسلحة ثقيلة لمدة تقارب الساعة.
الهجومان أسفرا عن استشهاد نحو 20 من مقاتلي الجيش السوري، وإصابة أكثر من 15 آخرين، فيما قتل عشرات المسلّحين المهاجمين المنتمين إلى فصائل مختلفة أبرزها «جيش العزة» و«أنصار التوحيد» و«حراس الدين». واستهدف الجيش، نهار أمس، مواقع عدّة بين اللطامنة وكفرزيتا ومورك وخان شيخون. وأتى الهجوم بعد أيام قليلة على دعوة «غرفة عمليات وحرّض المؤمنين»، جميع الفصائل في إدلب ومحيطها، إلى شن عمليات عسكرية ضد الجيش السوري. ويطرح هذا التصعيد، من فصائل متّفق على تصنيفها «إرهابية» بين الدول «الضامنة» لمسار «أستانا/ سوتشي»، تساؤلات حول مصير «مذكرة التفاهم» التي تؤطّر «التهدئة» في محيط إدلب، لا سيما أن دمشق تردّ مباشرة (وهو ما يقرّه اتفاقا أستانا وسوتشي) على تلك الانتهاكات.
وعلى رغم التصعيد المتنامي، اكتفت موسكو بالإشارة إلى أنها تحثّ الجانب التركي على ضرورة «تنفيذ الالتزامات» التي تعهدت بها في «سوتشي». وقال وزير خارجيتها، في مقابلة مع وكالة الأنباء الكويتية، إن «نظام وقف إطلاق النار لا يجب أن يشكل حجّة لتعزيز الوجود الإرهابي هناك». وفي المقابل، تغيب التصريحات الرسمية التركية حول إدلب، في انعكاس لأولوية حسم ملفَي منبج وشرق الفرات، وبخاصة تفاصيل «المنطقة الآمنة» مع الجانب الأميركي. ولم تخرج أي تفاصيل عن اجتماع «مجموعة العمل المشتركة» التركية ــ الأميركية في أنقرة، فيما سيزور ممثل وزارة الخارجية الأميركية لشؤون التسوية السورية جايمس جيفري، العاصمة التركية اليوم، بعد مطالبة وزارة الخارجية التركية، واشنطن، بإدراج «وحدات حماية الشعب» الكردية على لائحة الإرهاب.
وضمن إطار نقاشات «المنطقة الآمنة» التي لا تبدو محسومة حتى الآن، ينتظر أن تشهد فيينا لقاءً هاماً بين رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية جوزف دانفورد، ونظيره الروسي فاليري غيراسيموف، سيبحث علاقة عسكريي البلدين، وبخاصة في سوريا، إلى جانب تفاهمات «منع التصادم» بين الجيش الروسي وقوات «التحالف الدولي» هناك. ويأتي اللقاء بعد إعلان وزارة الدفاع الروسية أن الجانب الأميركي منع دخول قوافل لإجلاء المدنيين من مخيم الركبان، الذين كانت تسعى الحكومة السورية مع موسكو لإعادتهم إلى مناطقهم الأصلية. وتأتي الاتصالات العسكرية الأميركية ــ الروسية حول سوريا، في وقت كثّف «التحالف الدولي» وتيرة القصف المدفعي والجوي لبلدة الباغوز، وفق ما تفيد به المعلومات الميدانية المتوافرة. وشهدت ساعات فجر الأحد كثافة نارية كبيرة على منطقة المزارع قرب البلدة، في حين قالت «قوات سوريا الديموقراطية» إن التنظيم كان يحاول إيصال 3 سيارات مفخخة يقودها انتحاريون إلى نقاطها.