أكدت الحكومة السورية حقّها في العمل على استعادة الجولان من الاحتلال الإسرائيلي بكل الوسائل الممكنة، فيما ركّزت موجة الاعتراض والاستنكار الدولي على «مخاوف التصعيد» في المنطقة جراء الإعلان الأميركي الأخير
لم تكن ردود الفعل الدولية المناهضة لتوجّه الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، المعلن، نحو الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجزء المحتل من هضبة الجولان، خارج حساباته حين «غرّد» أول من أمس. بل إن ما قاله لتبرير موعد هذا الإعلان، أمس، يعكس رغبته في «إنجاز» ما لم تفعله كل إدارة أميركية سبقت إدارته، والتي كانت تدعم هذه الخطوة (كما تصنيف القدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة إليها) من دون أن تنجزها. موقف ترامب، الذي لم ينتظر توافقات دولية، هو جزء من مسار ضمّ محطات عديدة شهدت معارضة دولية (أقلّه في العلن) للتوجه الأميركي. ففي الشهر الأخير من عام 2017، فشلت سياسة واشنطن في «تسجيل أسماء» الدول المخالفة لرأيها في الأمم المتحدة وتهديدها. حينها، صوّتت أكثر من مئة دولة لمصلحة قرار «غير ملزم» يدعو الولايات المتحدة إلى سحب قرارها حول القدس. وعادت إدارة ترامب لتصوّت في كانون الأول من العام الماضي، خارج الإجماع الدولي، ضد قرار سنوي يعترف بسيادة سوريا على كامل الجولان. وأخيراً، برزت إرادة واشنطن المضيّ في خطواتها من دون انتظار توافق دولي، في اعتماد الخارجية الأميركية، في أحدث تقاريرها، تصنيف الجولان ضمن «السيادة الإسرائيلية»، حتى قبل «تغريدة» ترامب.
وأكد الرئيس الأميركي، في حديث إلى شبكة «FOX» أمس، أنه كان يفكّر في هذا القرار «منذ مدة طويلة»، وأن كل الرؤساء الأميركيين (وهو بينهم) حشدوا لتلك الخطوة كما لنقل السفارة إلى القدس، من دون تنفيذها.
اللافت في التحرك الأميركي ــــ الإسرائيلي هو إبراز عنصر «أمن إسرائيل» كمبرر لهذه الخطوة، التي لن تغيّر في وضع الجولان القانوني شيئاً. ويتكامل هذا مع المزاعم الإسرائيلية المتكررة التي تستخدم للاعتداء على الأراضي السورية، ومع تأكيد واشنطن أن أحد أهداف وجود قواتها العسكرية في سوريا هو ضمان ألا تكون الأخيرة «مصدر قلق وتهديد مستقبلي» للحلفاء في المنطقة، وعلى رأسهم إسرائيل.
وقد تفتح هذه المقاربة الباب لتصعيد إضافي ضد دمشق وحلفائها، سياسي في حده الأدنى وميداني ضمن حدود معيّنة.
هذا التوتر الذي تحفّزه خطوة ترامب كان نقطة تركيز أغلب الردود الدولية المشككة أو المتخوّفة أو المستنكرة، من الأمم المتحدة إلى الاتحاد الأوروبي والجامعة العربية، وسواهم. أما دمشق والدول الحليفة لها، فقد رفضت القرار، وأكدت أنه لا يغيّر من حقيقة سوريّةِ الجولان. وشددت وزارة الخارجية السورية على أن استعادة الجولان من الاحتلال الإسرائيلي «بكل الوسائل التي يكفلها القانون الدولي لا تزال أولوية في السياسة الوطنية السورية»، مضيفة إن «الإدارة الأميركية بحماقتها وغطرستها لا تمتلك أي حق أو ولاية في أن تقرر مصير الجولان العربي السوري المحتل». وأشارت إلى أن على مجلس الأمن «اتخاذ إجراءات عملية تكفل ممارسته لدوره وولايته المباشرين في تنفيذ القرارات التي تنص على إلزام إسرائيل بالانسحاب من كامل الجولان السوري المحتل». كذلك، شجبت دمشق استنكار تركيا قرار ترامب، فيما هي تدعم الإرهاب وتحتلّ أراضي سورية. ولا يخرج الكثير من المواقف الدولية والإقليمية الرافضة للقرار عن محاولة الاستثمار الإعلامي «للخروج عن الطاعة الأميركية، ومجابهة إسرائيل» علناً، فيما تدعم معظم الدول «المستنكرة» أجندة الولايات المتحدة في شأن الجولان والقدس وغيرهما، عبر مشاركتها في إنجاز «صفقة القرن»، والمساعدة المستمرة في حصار دمشق سياسياً واقتصادياً.
الأخبار اللبنانية