قلعة دمشق
لم يشهد لها العالم مثيلاً لتنفرد قلعة دمشق على قلاع الأرض بتوضعها فوق أرض مستوية بين أبنية أقدم عاصمة مأهولة في التاريخ ورغم ذلك فإن الفيحاء تحفظ لقلعتها دورها في حمايتها من الغزوات والحروب.
الدور الدفاعي والعسكري للقلعة التي بنيت زمن السلاجقة نهاية القرن الـ 11 الميلادي لم يمنع من أن تكون مثالا رائعا لفن العمارة الإسلامية في بلاد الشام بالقرون الوسطى حيث يصنفها الأثريون ضمن أضخم مجموعة معمارية في دمشق ما منحها جميع الأسباب الموجبة لإدراجها ضمن قائمة اليونيسكو للتراث العالمي.
وأوضح الباحث كمال آل امام لـ سانا أن قلعة دمشق قاومت عبر تاريخها مختلف الكوارث الطبيعية وجيوش الغزاة من الزلازل عامي 1200 -1201 وغزو المغول للمدينة ثلاث مرات في زمن المماليك على يد هولاكو عام 1259 وقازان 1299 وتيمورلنك عام 1400 فأعاد أمراء المماليك ترميمها بعد طرد الغزاة بينما عمد الاحتلال العثماني إلى تشويه معالمها فأضاف لها بناء مساحته 1000 متربع مربع.
وتقع القلعة في الزاوية الشمالية الغربية من مدينة دمشق القديمة وتؤلف وفق آل امام مركز الحماية الاساسي لها وتمتد بين بابين من أبوابها هما الفرج المناخلية والنصر لتأخذ شكلا مستطيلا يتراوح عرضه بين 165 و220 مترا وطوله بين 240و250 مترا على مساحة تبلغ 33176 مترا مربعا وهي تعادل 3 هكتارات مع ارتفاع يختلف بين الأسوار والأبراج.
ويبين آل إمام أن القلعة بنيت من الحجارة الكلسية واستخدمت معها حجارة سوداء من البازلت بشكل محدود ويتوزع على أسوارها حاليا اثنا عشر برجا تصل بينها جدران سمكية تدعى البدنات 4 منها على زوايا القلعة و3 في كل من الجانبين الجنوبي والشمالي و2 في الجهة الشرقية موضحا أن الأبراج الغربية التي هدمت في أعقاب غزو تيمورلنك اعيد بناؤها في مطلع الثمانينيات اثر كشف الواجهة الغربية للقلعة بعد إزالة سوق الخجا الذي قام مكان خندقها القديم.
وللقلعة 4 أبواب وهي الباب الشرقي وعرف باسم باب المدينة وما زال موجودا بحالة جيدة وبني في العهد الأيوبي والباب الشمالي الحديد الذي تهدم قسم كبير منه وأمامه جسر يفتح على خارج المدينة وكان يستخدم بشكل أساسي للمسائل العسكرية أما الباب الجنوبي فضاعت معالمه والباب الغربي القديم وكان يستعمل لدخول وخروج السلاطين والنواب بصورة سرية لذلك كان يسمى باب السر.
وعن الكتابات الأثرية فيها أوضح آل أمام أنها تكثر في جميع انحائها مؤرخة بناء الأبراج والاسوار وجميع أركانها الأخرى بوضع ساكفة في مكان ظاهر تحمل اسم الباني وذكر سنة البناء منها الحشوة الكتابية المقوسنة بخط الثلث النسخي الأيوبي كما توجد فيها مجموعة من الرنوك الشعارات العسكرية وهي رسوم رمزية كالخنجر والكأس كان يتخذها حكام السلاجقة والأتابكة والأيوبيين والمماليك.
ويشير آل أمام إلى أن قلعة دمشق خضعت لآخر عمليات ترميم في العقد الماضي لتفتتح في الأول من تموز عام 2006 حيث شمل الترميم إعادة بناء القبوات المتصالبة للبدنة الجنوبية المملوكية وبرج الزاوية الجنوبية الغربية وبعض اجزاء من البدنات المفقودة في الجهتين الغربية والشمالية وازالة الأشغالات الحديثة عن الواجهات الخارجية للقلعة وأبراجها.
كما شملت العمليات الأخيرة ترميم البدنة السلجوقية الجنوبية وكشف الممر الفاصل بين القلعة ومحال سوق الحميدية وتأهيل محاور الحركة الداخلية ضمن البدنات والأبراج إضافة إلى ترميم مرامي البرج الثاني وفتحات المبنى الجنوبي الغربي وإظهار الساحة الداخلية للقلعة.
أما عن المكتشفات الأثرية التي عثر عليها بالقلعة فأهمها بحسب آل إمام القاعة اليوبية المناظرة لقاعة العرش والحمام المملوكي والبوابات الجانبية والخوذ المملوكية المكتشفة في البرج الرابع وباب السر الغربي.