رواية إيميسا باكورة أعمال هلا أحمد علي

تستعير رواية إيميسا عنوانها من اسم مدينة حمص القديم لتعرفنا على كاتبة دخلت صومعة الأدب قادمة من عالم الفلسفة والتدريس الأكاديمي وهي الدكتورة هلا أحمد علي.

اختيار أستاذة الفلسفة مدينة حمص لتكون عنوانا لروايتها الأولى ومنطلقا لأحداثها يعيدنا لما شكلته هذه المدينة في تاريخ سورية الضارب بالقدم فمنها خرج أباطرة وأميرات حكمن العالم المتمدن زمن الامبراطورية الرومانية وفي عصرنا الحالي كانت المدينة التي صمدت بوجه عاصفة عاتية أراد مطلقوها أن تكون حمص منصة لاستهداف سورية برمتها.

الرواية التي تبدأ من مدينة حمص لتتسع وتشمل كل البلاد تسرد أحداثا وقعت بين عامي 2012 و2018 فهي تبدأ بالأحدث مع أم ماهر تلك الأم المفجوعة التي فقدت ولدها الشاب سلام في لظى الحرب وظلت تراه عائدا إليها فإذا هو محض حلم وكأن الكاتبة هنا أرادت أن تسقط هذا الشاب باسمه على أمنية يتمنى كل السوريين أن تعم وطنهم.

وتحفل الرواية بنماذج شخصيات نسائية تعب من آلام وأوجاع الحرب وتتشابك فيما بينها دراميا بعد أن جمعت الكاتبة هلا مصائرهم من الصبية سلاف التي يتعرض منزل أسرتها لمحاولة سطو فاشلة على يد لص ليعود فيقتل أخاها إلى أم جميل التي خطفها الإرهابيون من ضاحية عدرا العمالية وأم هشام التي تعرضت في سني الثمانينيات للاغتصاب على يد إرهابيين ولكنها تقرر تجاوز تلك الآلام وتفتتح مشغلا للخياطة في حمص فتعمل لديها الصبية سلاف.

إن براعة مؤلفة الرواية تتبدى في تلاعبها بالأزمان فهي تنتقل بسلاسة من الماضي إلى الحاضر فتظهر ما خلفه من ندبات وآثار على نفسيات شخصياتها والتي أجادت أيضا رسم عوالمها الداخلية وتصوير انفعالاتها ومخاوفها وانكساراتها.

ولم تشأ هلا أن تعطي البطولة في روايتها لشخص بعينه فهي توزعها على الرجال كما النساء بسلبياتهم كما إيجابياتهم مثل جوان وآكري المولعين بالنساء كل حسب طريقته أو وليد الذي يتحول من مفكر وكاتب إلى إرهابي لتعكس الرواية في مجملها قدرة مؤءلفتها على توظيف ما لديها من معارف وعلوم في الفلسفة وعلم النفس والسياسة بلغة فريدة تخترق كوامن النفس البشرية التي لا يعرفها سوى صاحبها.

الرواية صادرة عن دار التكوين وتقع في 396 صفحة من القطع الكبير أما المؤلفة الدكتورة هلا أحمد علي فهي من مواليد دمشق تخرجت من قسم الفلسفة من جامعتها ثم نالت منها دبلوم الدراسات العليا وحصلت على شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة إيرلانغن نيورنبرغ بألمانيا سنة 2009 وهي حاليا استاذ مساعد وعضو هيئة تدريسية بقسم الفلسفة في جامعة تشرين.

سانا