شهداؤنا في عيدكم .. دماؤكم تؤسس للنصر على الإرهاب وتسطر بأحرف من نور ملاحم وطنية خالدة

أيها الزائر أرض بلادي .. اخلع نعليك وتيمم بطهر ترابها.. تمهل .. احمل بين أصابعك حفنة من حضارة وتاريخ مجيد.. ارفع جبينك وانظر إلى المدى حيث بيارق الشرف والبطولة منسوجة من خيوط الشمس وضوء فجر تليد.. بيارق جدل خيوطها رجال عاهدوا فصدقوا العهد .. قاتلوا فاستبسلوا .. طلبوا الشهادة من بوابة النصر فاستشهدوا لينتصر كل الوطن.

تمر ذكرى عيد الشهداء على السوريين هذا العام وبيارق النصر المعطر بدماء أكرم من في الدنيا وأنبل بني البشر تكتب السطر الأخير في حاضر ينضح عزة وكرامة وترسم ملامح مستقبل آمن أنار طريقه شهداء أبرار ركزوا في أرضنا الطيبة أسسا راسخة لحياة مفعمة بالكبرياء.

أحفاد رواد الشهادة ممن قارعوا المستعمر وطهروا الوطن من رجسه .. يتسابقون اليوم لنيل شرف الشهادة دفاعا عن هذا الوطن ضد إرهاب تكفيري أراد قتل الحياة في سورية التاريخ والحضارة فبين ملحمة هنا وأسطورة وطنية هناك سطرها رجال الجيش العربي السوري في معارك الدفاع عن الوطن ارتقت قوافل الشهداء من رجال الجيش والعاملين والصحفيين والفلاحين والطلاب والمدرسين وغيرهم مجسدين معاني الوطنية بعظيم تضحياتهم ونبل مقاصدهم دفاعا عن الوطن والإنسانية.

الشهداء الأبرار خلال هذه الحرب العدوانية على سورية منذ أكثر من ثماني سنوات قدموا أغلى ما يملكون في سبيل الدفاع عن الوطن فصدقوا الوعد وأدوا الأمانة في مقارعة إرهاب استمد جذوره الخبيثة من تاريخ بغيض تنطح لكتابة فصوله السوداء العثمانيون والفرنسيون المحتلون وغرب استعماري وصهيونية تقتات على الإجرام وجميعهم تمخضوا منذ بداية العدوان فولدوا تنظيمات ديدنها الإرهاب والقتل والخراب والاعتداء على الحياة بكل مقوماتها وعناوينها.

السوريون الذين يعشقون الوطن من باب الشهادة أو النصر يحيون اليوم ذكرى عيد الشهداء الذين أعدمهم الاحتلال العثماني في دمشق وبيروت على يد السفاح جمال باشا عام 1916 لرفضهم الانصياع للطاغية العثماني الذي اقتادهم مكبلين بأصفاد الكرامة ومتسلحين بالعزة والكبرياء مستقبلين أعواد المشانق وحناجرهم تصدح “نحن أبناء الألى.. شادوا مجداً وعلا‏.. نسل قحطان الأبي.. جد كل العرب‏.. “مرحبا بأرجوحة الشرف مرحبا بأرجوحة الأبطال ..نموت لتحيا بلادنا حرة عزيزة” وغير ذلك من عبارات العزة والبطولة والكبرياء نسجوها من رحم تاريخ مجيد كتبه نسل قحطان التليد وعزة حضارة أنارت العالم بعد عصور من الظلام والتخلف.

ذكرى إعدام 21 من القادة الوطنيين 14 منهم في ساحة البرج ببيروت و7 في ساحة المرجة بدمشق تتجدد قدسيتها وعمقها الوطني عبر دماء طاهرة ما زالت مدرارة لصون الكرامة والاستقلال .. فأبطال الوطن الذين تقدمت منهم قوافل وساروا على درب الشهادة رفضوا تسليم الوطن للإرهابيين وداعميهم ومشغليهم من الدول الغربية والرجعية العربية والكيان الإسرائيلي لتقسيمه ونهب خيراته واستعباد أبنائه .. فكسروا بتضحياتهم أحلام الأعداء ودمروا مخططاتهم وكانت دماؤهم الطاهرة منارة وسبيلا لصون كرامة الوطن والحفاظ على سيادته وبناء مستقبل أجياله القادمة.

ولما كانت سورية صخرة في وجه أعداء الأمة ومدافعا قويا عن تاريخها استمرت قوافل الشهداء بعد انكسار شوكة العثمانيين وصولا إلى دحر الاستعمار الفرنسي عبر مقاومة استمرت نحو ربع قرن وتبعتها دماء طاهرة خضبت تراب فلسطين وكوكبة تلتهم من شهداء الوطن سطروا أروع الملاحم في حرب تشرين التحريرية ومعارك الدفاع عن لبنان ضد الغزو الصهيوني وصولا إلى التصدي لتنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي في سورية .. واليوم يتواصل عبق التضحيات حيث تضيء دماء الشهداء بيارق الانتصارات في ساحات المعارك ضد إرهاب تكفيري أراده أعداء سورية منذ نحو ثماني سنوات ظلاما دامسا وديجورا يزيح النور من حياة السوريين.

رجال ميامين من الجيش العربي السوري بذلوا أرواحهم وأيديهم على الزناد إلى آخر قطرة من دمهم في ساحات المعارك والشهداء من العمال والمعلمين والعاملين في مختلف قطاعات الدولة حملوا الأمانة واستمروا في أعمالهم لتبقى مؤسسات الدولة رغما عن أنوف المخططين والمنفذين لهذه الحرب الشرسة.. ولا ننسى الشهداء الإعلاميين الذين كانوا ولا يزالون نبراسا للوطنية والحقيقة وقدموا لكل ذي بصيرة صورة ما يخطط لسورية وشعبها الأبي ولتكون إنجازاتهم شاهدا في تاريخ يكتب اليوم بدماء وبطولات السوريين.

ومع أفول الإرهاب من معظم ربوع سورية بفضل تضحيات بواسل الجيش ودماء من سبقوهم إلى العلياء يلتف السوريون اليوم كما كانوا منذ ثماني سنوات حول الجيش العربي السوري الذي يقارع التنظيمات الإرهابية في أرياف حماة واللاذقية وحلب وإدلب الخضراء وصولا إلى اجتثاثها من جذورها وإعلان النصر المؤزر والبدء بمرحلة إعادة الإعمار والبناء لتنعم الأجيال القادمة بمستقبل مشرق أنارته دماء الشهداء الطهورة وأسست لحياة آمنة وكريمة تليق بالسوريين وحضارتهم.

عدنان الأخرس – سانا